USATODAY.com News

Tuesday, May 31, 2011

الكاريزما الشعبية


الجاذبية الأرضية

  بقلم   عمر طاهر    ٣١/ ٥/ ٢٠١١
لم تكن سيرة ناصر والسادات العطرة تخلو من العك، ولكن كانت لكل منهما كاريزما، يقودنا ناصر إلى النكسة فيتنحى فتخرج الجماهير رافضة التنحى، يقف السادات فى البرلمان يمسح بكرامة معارضيه الأرض بالاسم، فيصفق له الجميع لأنه كان يفعلها بـ«معلمه» عملا بمقولة مصطفى شعبان «حتى الغلط لازم يتعمل صح علشان يكيف»، كانت لكل واحد منهما جاذبية تقنن الشعور بالامتعاض تجاهه وتجعل أشد المعارضين يمنحه فرصة جديدة وتجعل حكم الأغلبية عليه فى منطقة الـ«هات وخد»، أما فى حالة الرئيس السابق فقد كانت فى منطقة الـ«خد» فقط.
الكلام عن العفو لا يلقى قبولا شعبيا، ليس لأسباب سياسية فقط ولكن أيضا لعدم امتلاك الرئيس السابق جاذبية شعبية، والسؤال: لماذا لم يمتلكها؟
ربما لأنه كان يحافظ على صحته بطريقة تثير وطناً معظم سكانه بعافية، كانت صحته مستفزة لدرجة جعلت كثيرين يطلقون أساطير من نوعية «بيسافر كل ٦ شهور يزرع نخاع عيل لسه مولود»، فى الفترة التى تحولنا فيها إلى شعب شبابه ورجاله رايحين جايين فى الشوارع بملفات التحاليل الطبية، لم يغب الرئيس عن الأنظار ولو حتى بنزلة شعبية باستثناء رحلة ألمانيا الأخيرة (بس بعد إيه؟).
حتى الرياضة التى اشتهر بها «الاسكواش» أكبر ملعب لها يسع ٣ آلاف متفرج بالعافية، لعبة لا تخصنا ولا جمهور لها فى مصر، وعندما قرر أن يزيد شعبيته فلعب «ماتش ودى» مع أحمد برادة هبطت أسهم برادة بعدها فاعتزل اللعبة واتجه للغناء، ستقول لى طب ما ناصر اشتهر بصورته وهو يلعب البنج بونج، سأقول لك هذا هو الفارق فصور ناصر جعلت اللعبة شعبية وأصبح فى كل حارة ترابيزة بنج بونج قبل أن تحل محلها ترابيزات الـ«بلاى ستيشن».
حتى رهانه على كرة القدم كان خاطئا، تمسكه بالظهور فى الصورة مع المنتخب جاء من خلفية غير كروية بالمرة، كان يعتقد أن المنتخب سيظل البطل للأبد لا يعرف أن كل جيل كروى له دورة حياة قصيرة، ربط اسمه بالمنتخب فلم تكن مصادفة أن ينهار النظام بالتزامن مع التعادل مع سيراليون والهزيمة من النيجر.
وفى الوقت الذى كان فيه لناصر مقعد فى الصف الأول فى حفلات أم كلثوم، وكان السادات يكرم أباطرة الفن فى عيد الفن سنويا، فى الوقت الذى كانت فيه صورة الرئيس إلى جوار الفنان الكبير إضافة لكليهما فوجئنا بالرئيس السابق يبدأ مسيرته بتبنى محمد ثروت وينهيها باستضافة طلعت زكريا (مع احترامى للجميع)، يعنى لو كان سأل حد عن مطرب جماهيرى أو ممثل صاحب شعبية كانت هتفرق، ولكن هذا عيب الأسرة التى لا يوجد بها ابنة، فخلفة الأولاد ليست دائما ممتعة، فهى أولا «بتنشف» قلب الأب وثانيا تجعله بعيدا عن التفاصيل التى تلمس القلب، لو كان للرئيس ابنة لاستفاد منها كثيرا فى اكتساب جاذبية شعبية ربما لمح حزنها على ضحايا العبارة فاتخذ موقفا أكثر حسما، ربما شعر باكتئابها على خلفية الشاب الذى انتحر لرفض تعيينه فى الخارجية لأنه غير لائق اجتماعيا فتفكر فى مسألة العدالة الاجتماعية، لكن خلفته كانت أولاد، وخلفة الأولاد فقط تجعلهم يتحولون بمرور الوقت إلى مخبرين عايشين معاك فى البيت.
كانت أناقة ناصر فى القميص المحلاوى وأناقة السادات فى الجلباب البلدى، أناقة زعيم، لكن أناقة مبارك كانت تليق برئيس مجلس إدارة بنك، كانت جاذبية ناصر فى الشعيرات البيضاء التى تليق بشخص ناضج مهموم بالبلد، وكانت جاذبية السادات فى صلعته السمراء التى تليق بشخص داهية، لكن قل لى هل المصريون من النوع الذى يتقبل بسهولة رجلا تجاوز الثمانين دون شعرة بيضاء واحدة بالرغم من أنه مشيِّب الجميع؟!
لم يعرف الرئيس السابق طريق الكاريزما الشعبية لأنه كان طيارا يتحدى الجاذبية الأرضية ففقدها، طيارا يحلق فيرى الناس فى حجمهم الطبيعى ثم يراهم أقزاما وبمرور الوقت يصبح «مش شايفهم أصلا».

Monday, May 23, 2011

هويدا طه تكت: آل سعود.. العقبة الكبرى أمام الشعوب العربية الثائرة




لا شيء لدي أقدمه لشعوب اليمن وسوريا وليبيا سوى.. الاحترام، بل الانحناء احتراما لشعوب تثبت للعالم كل يوم أن.. شعوبنا لم تتخلف لأنها متخلفة بالطبيعة إنما لأنها كانت مرتهنة.. مختطفة، وأن العقل العربي ليس قاصرا عن استيعاب مفهوم الديمقراطية بتكوينه.. وإنما لأنه كان معتقلا في سجن الطاعة المفروضة فرضا، ما يسمى بالربيع العربي هو في الحقيقة موسم الخلاص.. من الارتهان والاختطاف والاعتقال في سجون الطاعة المقيتة..
** أدهشنا اليمنيون حقيقة بهذه الثورة الصابرة.. التي رفضت بشكل يثير الإعجاب (الهرولة سريعا) نحو فتات المكاسب.. اليمنيون الذين تصدر مشهدهم لعقود من الزمن إما القات أو القاعدة أو علي عبد الله صالح! اعتقد البعض جهلا أن هذا القبح الحضاري هو منتهاهم.. فإذا بشعب أصيل ما كان صالح منه إلا قيحا في جسد فتي وواعد.. يوشك اليمنيون على استئصاله، هذا الشعب الذي لقن ملوك البترول درسا في جملة واحدة كتبت على ورقة كارتون متواضعة ورفعت في المظاهرات تقول للأغبياء:" ما يحدث في اليمن ثورة وليس أزمة"،
** والسوريون الذين اشتهروا عربيا للأسف بأنهم يخافون من بعضهم البعض ويتجسسون بعضهم على بعضلصالح نظام أمني مستبد.. ولا يجرؤ فرد منهم على التفكير ولو سرا في الانعتاق.. قدموا للعالم خلال شهرين هذا النموذج الجلي في الشجاعة والتصدي والتضحية بالحياة لأجل شيء واحد (سوريا والحرية وبس)! لم يؤثر شعار في نفسي كما أثر شعار (الشعب السوري ما بينذل) فهو يحمل انفجارا مدويا لشعب يشهد تاريخه أنه كان كريما عزيزا عبر العصور.. وأن ارتهان كرامته كان عابرا وقد آن لتلك الكرامة أن تستعاد،
** أما الليبيون الذين قال لي أحد الأصدقاء إنه (فوجئ) أن بينهم مثقفين رائعين! وحكى لي موقفا ذات يوم حين كان أحدهم يتحدث عن (مفكر ليبي) فقال آخر مستغربا:" مفكر ليبي؟! إما مفكر وإما ليبي"! هؤلاء الليبيون الذين تبنوا منذ اليوم الأول الشعار الرائع (الأعظم في رأيي) للرجل الأروع في التاريخ العربي الحديث.. عمر المختار:" نحن قوم لا نستسلم.. إما ننتصر أو نموت"، لنحو نصف قرن كان هؤلاء الكرام مختطفين في سجن كبير يشرف عليه مخبول! نجحوا بالدم في كشف عورة خبله ومازالوا على هذا الإصرار المثير للإعجاب والاحترام رغم ضريبة الدم الباهظة.. بل وتجاوز شعوب (الثورات السريعة) في تكوين مجلس الانتقال أثناء الثورة والذي يدير بصبر بالغ وإرادة عجيبة معركتي الداخل والخارج.. بل معركة الوجود،
** وقبل كل هؤلاء كانت تونس.. تونس التي سيذكر لها التاريخ أنها كانت (فتاة العرب المدللة) ومع ذلك.. هي دون غيرها التي أيقظت الأسرة العربية بكاملها من نومها في سجن زمني طويل.. وفتحت لها الباب رغم دلالها لترى النور.. الشعب التونسي الذي كنا نتندر عليه بأنه من بين الشعوب العربية المستعبدة هو وحده.. زين العابدين! فإذا به يكون زين المبادرين بالثورة من أجل الحرية والكرامة،
** ثم الشعب المصري الذي كان الجميع.. مصريون وغير مصريين.. على يقين حزين بأنه لن يخرج على الظلم أبدا مهما فعل به.. فإذا به يقدم ما أقره العالم كله.. نموذجا جديدا لثورات الانعتاق.. نموذج صار يحاول تقليده الشعب البريطاني والأسباني والصيني وغيرهم!.. وما رأيته بعيني في أيام الثورة الأولى يجعلني أتوارى خجلا.. فقد كنت مثل كثيرين غيري للأسف أشكك أن يغضب هذا الشعب المسحوق.. ولم استطع حتى اليوم أن أقدم لشعبي المصري اعتذارا يليق به عن ريبتي فيه..
** في موسم الخلاص من الاستعباد هذا.. ما هي برأيكم أكبر عقبة أمام الشعوب العربية الثائرة؟ هل هي أمريكا؟ لا، إسرائيل؟ لا، البطش الأمني والغدر العسكري؟ لا.. كل تلك العقبات أثبتت شعوبنا أنها قادرة على التصدي لها.. تذكروا دوما شجاعة السوريين أمام غدر جيشه به.. ماذا إذن؟! إن العقبة الكبرى- والتي ستتغلب عليها الشعوب العربية آجلا أو عاجلا إن شاء الله- هي.. السعودية!
** من الضروري هنا أن نميز بين السعودية.. النظام الحاكم.. والسعودية الشعب، الشعب العربي الذي يسمى الشعب السعودي حتى الآن.. ومضطرون للأسف أن نصفه بتلك الصفة (السعودي) حتى يأتي يوم انعتاقه! فاعذرنا أيها الشعب من وصفك بتلك الصفة!.. نحن نعلم أن بين (السعوديين) الكثير من المتعلمين المثقفين.. الغاضبين المحرجين من موقف نظامهم من الشعوب العربية الأخرى.. والمتشوقين بدورهم للحرية والانعتاق مثل إخوانهم المنتفضين بالجوار، لكن النظام السعودي- أي الأسرة السعودية الحاكمة- الذي يحكم شعبه بعقلية وقبضة القرون الوسطى بل وما قبل العصور الوسطى.. خائف على (غنيمته) من الضياع.. غنيمة البترول التي اغتصبها وسيطر عليها دون وجه حق (وهو يعرف ذلك) خائف من تأثير تلك الثورات خلف الأبواب المجاورة.. يموّل محاولات وأدها.. يقاوم تمددها بكل ما أوتي من أدوات ومبادرات خسيسة.. يبتز الشعوب الثائرة بل ويهددها علنا.. يخبأ في داره المخلوعين اللصوص.. بل ويخبأ مسروقاتهم التي سرقوها من دم الشعوب.. لم يخجل هذا النظام من استقبال الذهب الذي سرقه بن علي.. بل ويكاد يجن جنونه من إصرار المصريين على محاكمة مخلوعهم.. ولازال يدير علاقته بشعوب عريقة مثل الشعب المصري بأسلوب (الابتزاز والرشوة) ثم التهديد بالتجويع واشعال الفتن الطائفية في مصر.. والمذهبية في البحرين والسياسية في اليمن والعرقية هنا والشعبية هناك.. ومن شدة رعبهم من الثورات العربية راحوا يعدون العدة لتأسيس (اتحاد الممالك العربية) لمواجهة الجمهوريات الديمقراطية التي تولد! فبعد عقود من الزمن يبعدون فيها عمدا الممالك الفقيرة عن مجلس تعاونهم الثري ويتأففون من شعوبها الفقيرة.. يهرولون الآن نحو مملكتي الأردن والمغرب (لرشوتهما)! استعانة بهما وبشعوبهما الفقيرة لمواجهة الثائرين الأخرين على الحدود.. لكن.. من قال إن (ملوكا مترفين أفسدوا قريتهم) سيظلون إلى الأبد ملوكا؟! التاريخ مخزن المعرفة الحقة.. وفي ذلك المخزن وثائق لا حصر لها تفيد بأن الملوك المترفين.. في نهاية المطاف.. يندثرون!
** شاء أو أبى.. يقترب النظام السعودي من الاندثار.. لكنه الآن مازال قويا ويثير القلاقل للشعوب الثائرة.. ولهذا ينبغي على الشعوب العربية الثائرة تلك والتي تريد حماية ثوراتها أن تساند الشعب (السعودي) وتشجعه على الثورة! العين بالعين والسن بالسن والبادي أظلم! سوف نساند بكل قوتنا انتفاضة عرب الجزيرة ضد ملوكهم.. لابد للشعب (السعودي) أن يخرج من سجنه البشع ويحطم أغلال الذل المفروض عليه ويذوق حلاوة التضحية بالحياة من أجل الحرية والكرامة.. هذا الشعب لابد له أن (ينتفض) لأجل الحرية فهو أيضا شعب عريق تمت رشوته عبر السنين بالخبز كي يصمت عن حقه الإنساني في الحرية.. وقد قابلت سعوديين كثر ينظرون بحسرة إلى الثورات المجاورة ويأملون في يوم- قريب- يأتي فيه دورهم ليتوجوا موسم الخلاص العربي بثورتهم... ستكون تلك أصعب وأشرس الثورات إنما هم يستحقون الحرية ككل البشر.. حاولوا ولا تيأسوا.. مهمتكم الأصعب لكنها ليست مستحيلة.. أنظروا إلى الصبر اليمني والشجاعة السورية والإصرار الليبي والإرادة التونسية والمصرية و.. توكلوا على الله وابدأوا!.. لستم جبناء وفي تاريخكم أمثلة لا حصر لها عن الشجاعة والإقدام والانتفاض للكرامة.. ومن العيب أن تكون وفرة الخبز رشوة لمثل من لهم تاريخكم.. لستم عبيدا لآل سعود بل شعب كريم له تاريخ، قولوا لأسرة آل سعود العبارة الأشهر في موسم الخلاص العربي.. قولوها لهم ونحن معكم.. يا آل سعود.. ارحلوا..    

Sunday, May 22, 2011

Family Guy - Over

تسلسل الأحداث بدون تفاصيل ليس لها داعي


تسلسل الأحداث بدون تفاصيل ليس لها داعي :
-٢٨ يناير ٢٠١١  الثوار يعتصمون في ميدان التحرير بعد قتال مع الشرطة
-١١ فبراير ٢٠١١  مبارك يترك الحكم و المجلس العسكري يتولي الحكم ويتعهد بتلبيه مطالب الثوار
-١٢ فبراير ٢٠١١ الثوار يتركون الميدان  
-٢٢ مايو ٢٠١١  المجلس العسكري  يصدر بيان للثوار يقول لهم فيه  أمكو  في العش ولا طارت ؟؟!!!!؟ والله الموفق 




الشيخ مصطفى اسماعيل , الإبداع في سورة الفرقان عام 1949

الشيخ مصطفى إسماعيل - سورة الأعلى من أندر نوادر

رحيل رجل جميل



  بقلم   بلال فضل    ٢٢/ ٥/ ٢٠١١
ليس فى هذه الدنيا عدل، ولذلك لا تجد الصحف تنشر خبراً بعنوان (رحيل القارئ فلان)، بل تتحيز فى أنباء الرحيل للكُتاب فقط، أما القراء فعليهم أن يدفعوا ثمن الإعلان عن رحيلهم فى صفحات الوفيات، مع أن القارئ لا يقل أهمية للصحيفة عن الكاتب، إن لم يكن الأهم منه بمراحل فهو الذى يصرف على الصحيفة ويسهم فى الصرف على الكاتب ذات نفسه، فضلا عن أنه فى أحيان كثيرة يكون أقدر على الكتابة من الكاتب ذات نفسه أو هو يعتقد ذلك على الأقل، لكنها الدنيا التى إذا أقبلت باض الحمام على الوتد، وإذا أدبرت بال الحمار على الأسد.
بالأمس القريب رحل قارئ عتيد وكاتب مجيد هو الأستاذ محمد عبدالمقصود الموجى، تعرّفت عليه من بعيد لبعيد عندما كنت أحرر باب بريد القراء فى صحيفة (الدستور) عام ١٩٩٥، كانت رسائله تأتينى كل يومين تقريباً مكتوبة بخط أنيق تتحدث عن كل شىء سواء جاءت له سيرة فى العدد الماضى من الصحيفة أو لا، كان يكتب فى كل شىء تقريباً، لكن رسائله التى تتحدث عن الموضوعات الفنية كانت لافتة جداً ومليئة بالمعلومات المدهشة، وكان أغلب رسائله يستحق النشر فوراً، لكننى توقفت عن النشر له بعد أن بدأ قراء كثيرون يغضبون من تكرر نشرى له هو، وقارئ آخر اسمه عوض الفقى كان يمضى رسائله بتوقيع (من رجال التعليم بكفر الشيخ) وكان متخصصا فى اصطياد عثرات وزلات قلم الكاتب الكبير أنيس منصور، فبدأت أتحيز ضدهما وأؤجل نشر رسائلهما، ومع ذلك لم ينقطعا عن الإرسال أبداً حتى أغلقت الدستور، أيامها لم يكن هناك بريد إلكترونى يسهل عملية التواصل مع الصحف، بل كانت كتابة الرسائل لاتزال طقسا مرتبطا بكوباية الشاى والجلوس على المكتب و«وطوا صوتكو شوية ياولاد بابا بيكتب»، أو هكذا كان يبدو لى على الأقل من قراءة كثير من الرسائل التى ظللت أحتفظ لسنوات بآلاف منها فى كراتين أضاعها الزمان لسوء الحظ.
منذ عامين ربما، أصدر الموجى كتاباً جمع فيه الكثير من رسائله التى نشرتها الصحف واختار له عنوانا غاية فى الرقة هو (شعوب تضرب على مؤخراتها)، وكتب لى والحمد لله إهداءً لا علاقة له بعنوان الكتاب، وتحمست لتقديم الموجى ومناقشة ظاهرته الفريدة كقارئ باستضافته فى برنامج (عصير الكتب) بعد أن اتفقت مع المخرج على وضع صفارة على كلمة (مؤخراتها) كلما جاء ذكرها فى الحديث، لكننى اكتشفت أن ظروف الموجى الصحية ربما لن تجعل مجيئه إلينا متاحاً، فقررنا أن نذهب إليه، حيث يقيم فى المنصورة، لكن يد المنية طبطبت عليه واصطحبته إلى جوار اللطيف الحنان منذ أيام، كما أخبرنى الصديق الكاتب محمد هشام عبية، الذى كتب لى عنه هذه السطور التى أتشرف بنشرها تحيةً لهذا الرجل الجميل، وأسألكم قراءة الفاتحة له قبل قراءتها وبعد قراءتها أيضاً.
(أغلب الظن أن الكبير محمود السعدنى لو كان قابل «محمد عبدالمقصود الموجى» فى هذه الدنيا «الظالمة» كان سيضعه ضمن قائمة «الظرفاء» الذين كتب فيهم كتابا علّامة ومرجعية، كيف لا وقصة حياة «الموجى» الذى رحل فجأة قبل أيام تتشابه إلى حد ما مع حياة «أعظم الظرفاء» عبدالله النديم و«أتعس الظرفاء» مجدى فهمى، الذين خلدهم السعدنى فى رائعته «الظرفاء»، فالثلاثة ولدوا أو عاشوا بالمنصورة، والثلاثة ظل البؤس والظلم يطاردهم حتى الممات، والثلاثة حاولوا النبش فى الدنيا فخربشوها وخربشتهم، لكنها أخذت منهم أكثر بكثير مما أعطته لهم، حتى إنهم جميعاً ماتوا فى سن مبكرة.
مخضرمو صفحات بريد القراء فى كل الصحف المصرية يعرفون حتما اسم محمد عبدالمقصود الموجى، صاحب القلم الرشيق والكلمة اللاذعة والحس الساخر الفريد، لكن ربما هؤلاء المخضرمون لا يعرفون أن الموجى الذى ظل يراسل الصحف بدأب ومهنية واحتراف مبهر لأكثر من ربع قرن، كان لا يستطيع التحرك من فراشه الموجود فى شقة أكلتها الرطوبة فى عمارة تقاوم قرار الإزالة منذ عقد من الزمن فى شارع الثانوية بالمنصورة، إلا عبر مساعدة أحد «مريديه»، وهم كثر، فقد تعرض الموجى لحادثة مروعة فى صدر شبابه جعلته «قعيداً»، منحنى الظهر، لكن الله عوضه عن ذلك بعيون لامعة ودماغ سينمائية موسوعية، وقلم يلسع ويسيل دموع الضحك.
من كان يذهب لمنزل الموجى كان يعرف حتما معنى كلمة «المولد»، بشر من كل صنف ولون دائما موجودون فى المنزل فى أى وقت، هناك من يطبخ، وهناك من يغسل له ملابسه، وهناك من يعد له الشاى، ورابع يعزف له العود، وأخرى تقطع البطيخ، وهو يعيش متوجا بحب الناس، وفى يده الريموت كنترول، وبجواره موبايل صغير وقلم وورقة بيضاء، كان هذا هو عالمه الصغير الفريد الذى أخرج كل ما أبدعه، منذ أن شكل ثنائيا فريدا مع الفنان الكبير مصطفى حسين، فى الثمانينيات على صدر صفحات «الأخبار»، ليكتب الموجى الفكرة ويرسم حسين، فى ثنائية لم تحدث من قبل باستثناء مع الساخر العظيم أحمد رجب بالقطع. (أتمنى أن يعيد الفنان الكبير مصطفى حسين نشر عدد من هذه الرسوم الآن تحية للراحل الموجى).
لكن البؤس الذى كان يولد منه اللطافة والخفة، لم يقف عند حدود إعاقة الجسد، وإنما وصل إلى ذروته بعدما تزوج وسافرت زوجته إلى إيطاليا قبل سنوات، وهناك توفيت فى حادث عارض، بعدما أنجبت طفلته الوحيدة، ويظل الرجل يعافر لما يقرب من ٨ سنوات مع السلطات الإيطالية، ليستعيد ابنته، التى لم يرها بالأساس منذ مولدها، وحتى رحيله فشل فى رؤيتها.
كان الموجى «ماكينة أفكار»، وفى آخر اتصال تليفونى لى معه قبل رحيله بأسبوعين تقريبا، كان يتحدث بحماس شديد لقناة «التحرير» الوليدة، وكيف أن لديه فكرة مغايرة لبرنامج عن السينما التى كانت عشقه الأول فى هذا الكون، حتى إنه كتب عدة سيناريوهات غير مكتملة، لكن عدم قدرته على الانتقال من المنصورة للقاهرة كان سببا فى إصابته بالإحباط الذى كان - ويا للعجب - صديقا لحبه للحياة ولرغبته فى الاستمتاع بها حتى النخاع. كان ظريفا وبائسا - رحمه الله - حتى إنه عندما أصبح يحرر زاوية صحفية يوميا فى جريدة «الدستور»- المأسوف على شبابها- كمراقب فطن وذكى ومرح لبرامج التوك شو اليومية، وقد أعجب بكم الاتصالات التى تأتيه من مشاهدين ومقدمين لهذه البرامج الشهيرة. دفن السيد البدوى أحلام الرجل فى ثلاجة الموتى عندما دفن (الدستور) فى تلك «البيعة الشهيرة» فى أكتوبر الماضى، ولم يكتب الموجى حينها سوى ٥ أيام فقط، حينها لم يعلق على ما حدث سوى بأنه «أمر طبيعى ولابد أن يحدث له»!
رحمه الله.. حتى عندما رحل فعلها فجأة وهو لم يبلغ الخمسين بعد، لم يبلغ أحداً من محبيه بنيته هذه، وكأنه يفعل فينا مقلب من مقالبه.. كده برضه يا أستاذ محمد؟!).
belalfadl@hotmail.com

Friday, May 20, 2011

فى الميدان مع بلال فضل 20-5-2011 ج1

مبارك و تهمه الخيانة العظمى وما خفي كان أعظم

حمد عبداللطيف


الاتهامات التي‮ ‬تطارد‮ »‬حسني‮ ‬مبارك‮« ‬نزعت ورقة التوت الأخيرة من فوق نظامه،‮ ‬وكشفت عورات معاونيه،‮ ‬وصبت اللعنات علي سنوات حكمه فليس أقلها تضخم ثروته بطرق‮ ‬غير مشروعة،‮ ‬وتسهيل استيلاء أسرته ،‮ ‬وشلة نجله علي‮ ‬ثروات البلد‮.. ‬مروراً‮ ‬بالحديث عن ضلوعه في اغتيال أنور السادات،‮ ‬ولم‮ ‬يكن أكثرها خطورة،‮ ‬هي‮ ‬المرتبطة بالمعلومات المتداولة عن عمالته لصالح المخابرات الأمريكية الـC.I.A‮.. ‬لأن ما خفي‮ ‬كان أعظم‮!‬

هذه الاتهامات وغيرها ربما تتجاوز ما‮ ‬ينوي‮ ‬مبارك تقديمه من اعتذارات،‮ ‬فهي اتهامات لا تمحوها الكلمات العاطفية بغرض الحصول علي‮ ‬عفو والإفلات من المحاكمة،‮ ‬فمعظم ما‮ ‬يجري تداوله من معلومات لم‮ ‬يكن أسراراً‮ ‬جديدة تخرج إلي‮ ‬الفور أول مرة،‮ ‬لكنها معلومة ظلت لسنوات طويلة مناطق ملغومة،‮ ‬محاطة بسياج من الخطوط الحمراء الممنوع الاقتراب منها‮.. ‬الآن تغير كل شيء‮.. ‬ولم‮ ‬يعد بمقدور أحد إغلاق حنفية الاتهامات والمعلومات المثيرة،‮ ‬وما كان‮ ‬يدور همساً‮ ‬في‮ ‬جلسات النميمة والغرف المغلقة‮.. ‬صار علناً‮ ‬وعلي كل لسان،‮ ‬باعتباره مادة دسمة لوسائل الإعلام المختلفة محلياً‮ ‬وعالمياً‮.. ‬فمبارك لم‮ ‬يعد رئيساً‮ ‬بل متهم ورهن الحبس الاحتياطي علي ذمة التحقيقات في‮ ‬تضخم ثروته،‮ ‬وهذا الاتهام لم‮ ‬يكن بعيداً‮ ‬أو منفصلاً‮ ‬بأي‮ ‬حال من الأحوال،‮ ‬عن المعلومات الأكثر خطورة،‮ ‬باعتبارها أموراً‮ ‬تخص الأمن القومي،‮ ‬وربما‮ ‬يقود التشابك والتداخل،‮ ‬إلي‮ ‬مطالبة أسماء وشخصيات بارزة لعبت دوراً‮ ‬حيوياً،‮ ‬في الحياة العامة والسياسة الدولية لتدلي بدلوها،‮ ‬أو تبوح بما لديها من معلومات ثمينة تحفظ بها في خزانة أسرارها،‮ ‬وجميعها‮ ‬يتعلق بثروة مبارك وصفقات البيزنس،‮ ‬والعمولات التي كان‮ ‬يتقاضاها،‮ ‬وأين‮ ‬يودعها،‮ ‬وعلاقاته بالمخابرات الأمريكية‮.‬
أبرز الشخصيات المطالبة الآن وقبل أي‮ ‬وقت آخر بالكشف عن الأسرار التي‮ ‬بحوزتها‮.. ‬أشرف‮ ‬غربال سفير مصر السابق في واشنطن،‮ ‬ومنصور حسن وزير الثقافة والإعلام وشئون رئاسة الجمهورية في عهد أنور السادات‮. ‬فكلاهما‮ ‬يعرف الكثير لأنهما شهود عيان علي‮ ‬وقائع جرت قبل أن‮ ‬يتولي‮ »‬مبارك‮« ‬مسئولية الرئاسة‮.. ‬غربال بحكم عمله سفيراً،‮ ‬كان‮ ‬يحضر لقاءات مبارك في‮ ‬واشنطن،‮ ‬ويعرف تفاصيل كاملة عن لقاءاته مع رجال وقيادات المخابرات الأمريكية،‮ ‬وكذلك رجال الأعمال،‮ ‬لأن البيزنس في كثير من الأحيان‮ ‬يكون‮ ‬غطاء لعمليات مخابراتية،‮ ‬ينفذها بدقة بعض رجال الأعمال للحصول علي‮ ‬المعلومات‮.‬
الاتهامات الموجهة لـ»مبارك‮« ‬لم تكن وليدة الظروف الحالية لكنها قديمة،‮ ‬وجري التعتيم عليها كثيراً،‮ ‬وعلم بها الرئيس السادات قبل اغتياله بتسعة أشهر كاملة وتناولتها عدة تقارير رسمية من السفارة المصرية بواشنطن‮.. ‬وسربت بعض معلوماتها وتفاصيلها مصادر مخابراتية،‮ ‬لعل أبرزها تلك التي‮ ‬خرجت علي‮ ‬السطح،‮ ‬ووجدت طريقها إلي‮ ‬النور التي‮ ‬كشف عنها‮ »‬وليد أبوظهر‮« ‬من مجلة‮ »‬الوطن العربي‮« ‬قبل‮ ‬30‮ ‬سنة من الآن‮.. ‬في العدد‮ ‬206‮ ‬بتاريخ‮ ‬23‮ ‬يناير‮ ‬1981،‮ ‬وتأتي‮ ‬أهمية ما جاء فيه من معلومات من ارتباطها بأهمية الشخص الذي روي‮ ‬التفاصيل باعتباره قريباً‮ ‬من أجهزة الاستخبارات الدولية،‮ ‬وصاحب علاقات واسعة في دوائر صناعة القرار،‮ ‬في‮ ‬مقرات الحكم الأمريكية والمصرية علي‮ ‬حد سواء،‮ ‬وهو الأمر الذي كان له صدي واسع في‮ ‬جميع الأوساط‮.‬
التقرير رصد المعلومات الدقيقة،‮ ‬وتناول بالأسماء ما كان‮ ‬يجري‮ ‬من صراعات بين مراكز القوي في‮ ‬القاهرة،‮ ‬وتوتر العلاقة بين السادات ونائبه‮ »‬حسني‮ ‬مبارك‮« ‬وعلاقة الأخير بالمخابرات الأمريكية،‮ ‬وتفاصيل الانقلاب الأبيض،‮ ‬الذي كان‮ ‬يعد له مبارك للإطاحة بالسادات وكيف خطط السادات للتخلص من نائبه،‮ ‬بالاعتماد علي‮ ‬منصور حسن وسيد مرعي‮.‬
أما التفاصيل التي‮ ‬تسربت من المخابرات الأمريكية،‮ ‬تقول إن حسني‮ ‬مبارك،‮ ‬حزم حقائبه واستعد للسفر إلي‮ ‬واشنطن في‮ ‬يناير‮ ‬1981،‮ ‬وقبل مغادرته للقاهرة،‮ ‬عقد اجتماعاً‮ ‬مع الرئيس،‮ ‬ليعرف التوجيهات منه،‮ ‬فيما‮ ‬يتعلق بالمباحثات مع الإدارة الأمريكية،‮ ‬وفي‮ ‬واشنطن حرص مبارك أشد الحرص،‮ ‬علي‮ ‬عقد اجتماع مع ريتشارد آلن الذي كان‮ ‬يستعد لمنصب مستشار الأمن القومي‮ ‬في الإدارة الجديدة التي‮ ‬سيتولاها رونالد ريجان،‮ ‬بالإضافة إلي‮ ‬اتصالات مكثفة مع عدد من رجال الأعمال الأمريكيين والعرب،‮ ‬وكانت هذه الاجتماعات تدور علي‮ ‬مستويين،‮ ‬أحدهما رسمي بحضور الوفد المرافق له في‮ ‬الزيارة وأشرف‮ ‬غربال سفير مصر في‮ ‬واشنطن،‮ ‬والثاني كان شخصاً،‮ ‬وينفرد فيه مبارك مع رجال الأعمال ورجال المخابرات‮.‬
المثير في الأمر،‮ ‬أن أشرف‮ ‬غربال رغم علمه بجميع اللقاءات إلا أنه أرسل للسادات تقريراً‮ ‬يتضمن ما جري في‮ ‬الاجتماعات الرسمية‮.. ‬ولم‮ ‬يتطرق من بعيد أو قريب للقاءات الشخصية التي‮ ‬أجراها مبارك مع بعض الشخصيات النافذة في‮ ‬واشنطن،‮ ‬وهذا‮ ‬يمثل لغزاً‮ ‬محيراً‮ ‬في‮ ‬الأمر،‮ ‬ويدفع لطرح تساؤل مشروع،‮ ‬لماذا تجاهل‮ ‬غربال المعلومات المحيطة بهذه اللقاءات؟
لكن المعلومات التي‮ ‬لم تتضمنها تقارير السفير المصري،‮ ‬سرعان ما عرفت وانكشف أمرها ومن بينها أن نائب الرئيس حرص علي‮ ‬أن‮ ‬يبلغ‮ ‬ريتشارد آلن بأن أوضاع الجيش‮ ‬غير مطمئنة،‮ ‬وأنه شخصياً‮ »‬أي‮ ‬مبارك‮« ‬يتولي‮ ‬بصفة شخصية،‮ ‬الإشراف علي‮ ‬تنظيم خاص واحد الحزب الحاكم،‮ ‬بهدف المحافظة علي‮ ‬النظام،‮ ‬سواء رحل السادات أو اعتزل أو تخلي‮.‬
مبارك كان‮ ‬يبعث برسائل مهمة عبر أقواله بغرض توصيل أنه‮ ‬يعد نفسه رئيساً‮ ‬للبلاد،‮ ‬وكان‮ ‬يقصد رسائله بمعلومات عن مرض السادات وعدم قدرته علي‮ ‬تولي‮ ‬المسئولية،‮ ‬لأن أمراض القلب وقرحة المعدة والكلي‮ ‬يسببون له متاعب كثيرة‮. ‬لكن الأمريكان بطبيعتهم لا‮ ‬يفوتون فرصة تمر دون تحقيق مكاسب،‮ ‬خاصة أنهم شعروا بعد أحاديث مبارك أن الوضع خطير في مصر،‮ ‬لكنهم طلبوا منه،‮ ‬توضيح مدي‮ ‬العلاقة التي‮ ‬تربطه بأبوغزالة،‮ ‬الذي‮ ‬كان‮ ‬يتولي‮ ‬مهمة الملحق العسكري‮ ‬في‮ ‬السفارة المصرية،‮ ‬ومدي‮ ‬التوافق بينهما،‮ ‬ولم‮ ‬يتوان مبارك في إثبات الجدية‮.. ‬فتوجه في اليوم التالي‮ ‬مباشرة للقائهم ومعه أبوغزالة،‮ ‬الذي كان‮ ‬يقوم بزيارة لواشنطن في‮ ‬ذلك الوقت،‮ ‬وأكد الاثنان انهما متفقان تماماً‮.. ‬ونتيجة لهذه اللقاءات جرت اتصالات بين الإدارة الأمريكية ورجال أعمال عرب،‮ ‬ومؤسسة‮ »‬باكتل الأمريكية‮« ‬وأسفر ذلك عن قبول التعاون مع مبارك شريطة إبعاد السادات عن المشهد،‮ ‬لأن دوره نفد،‮ ‬وعلاقاته ساءت مع العرب،‮ ‬وجري‮ ‬الحديث عن انقلاب أبيض علي‮ ‬السلطة‮.‬
بعد عودة مبارك طلب السادات من أسامة الباز تقريراً‮ ‬عن الاتصالات الهامشية التي‮ ‬جرت،‮ ‬فيما أشار إليه بأنه لم‮ ‬يحضر سوي‮ ‬الرسمية منها‮.. ‬فاستدعي مدير المخابرات الفريق محمد الماحي،‮ ‬وطلب أدق التفاصيل من اتصالات ولقاءات مبارك،‮ ‬خاصة فيما‮ ‬يتعلق بالتنظيم العسكري الذي كلف السادات نائبه بالإشراف عليه مع التنظيم الحزبي،‮ ‬وعندما تسلم السادات تقرير‮ »‬الماحي‮« ‬أصيب بصدمة صعقته،‮ ‬وكأنه لا‮ ‬يصدق ما‮ ‬يقرأ‮.. ‬فقد تضمن أن تجمعاً‮ ‬مدنياً‮ ‬وعسكرياً،‮ ‬يمسك بخيوطه‮ »‬مبارك‮«.. ‬أما المفاجأة الأكثر درامية في‮ ‬ذلك،‮ ‬ولم‮ ‬يتوقعها السادات أن النبوي‮ ‬إسماعيل وزير الداخلية،‮ ‬ساعد مبارك بأجهزته البوليسية للوصول إلي‮ ‬التنسيق العسكري‮ ‬الحزبي،‮ ‬ولم‮ ‬يكن أمام السادات إلا استدعاء نائبه لإفهامه بأن مؤامراته في‮ ‬واشنطن معلومة،‮ ‬وقال له‮: ‬أنا صنعتك وأنت من دوني لا تساوي شيئاً‮.. ‬لأنك مخلوق بلا وفاء،‮ ‬فأنا اعتبرتك ابني‮.. ‬وكنت أعدك لمتابعة المسيرة من بعدي،‮ ‬فإذا بك تتصرف هذا التصرف‮.. ‬أنا الآن أستطيع أن أطيح برأسك‮.. ‬لكن سأعطيك فرصة أخري‮ ‬وسأختبر ولاءك من جديد‮«! ‬وواصل السادات‮ »‬لقد تبين لي أن التقارير التي‮ ‬كان‮ ‬يرفعها لي منصور حسن صحيحة‮.. ‬وإن كنت أثق فيك أكثر منه والآن عليك التخلي‮ ‬عن مسئولياتك ما جاء بهذا التقرير‮ ‬يشير إلي‮ ‬أن منصور حسن‮ ‬يعلم الكثير،‮ ‬فقد كانت لديه تقارير عن مبارك،‮ ‬وكان‮ ‬يرفعها للسادات،‮ ‬فلماذا لم‮ ‬يتحدث،‮ ‬ومثل هذه الأمور أمانة تاريخية ستكشف النقاب عن الكثير من الأسرار التي‮ ‬ظلت‮ ‬غائبة‮.‬
وبالعودة مرة أخري للصراع بين السادات ونائبه‮.. ‬نجد أن الأول أحبط محاولة الانقلاب الأبيض الذي كان‮ ‬يعد له مبارك،‮ ‬بإبعاده تماماً‮ ‬علي‮ ‬أن‮ ‬يتولي‮ ‬الشئون الحزبية‮ »‬التنظيم الخاص‮« ‬منصور حسن،‮ ‬والتنظيم العسكري‮ ‬للفريق الماحي،‮ ‬لكن سرعان ما تلاشي نفوذ منصور حسن لدي السادات بعد تقديمه تقريراً‮ ‬عن فضائح عثمان أحمد عثمان صهر‮ »‬الرئيس‮« ‬وفي‮ ‬تلك الأثناء تقدم‮ ‬60‮ ‬ضابطاً‮ ‬من الجيش بعريضة للسادات‮ ‬يعترضون فيها علي‮ ‬وجود تنظيم داخل الجيش‮ ‬يعمل تحت إشراف مبارك،‮ ‬وطالبوا بحله بالإضافة إلي‮ ‬عدم الاعتماد الكامل في التسليح علي‮ ‬الولايات المتحدة الأمريكية‮.. ‬فتحفظ عليهم السادات إلا أن زملاءهم أجبروا السادات علي‮ ‬الإفراج عنهم،‮ ‬ما جاء في‮ ‬تقرير المعلومات المسربة،‮ ‬يشير بوضوح إلي أن مبارك عرف مبكراً‮ ‬المؤامرات ومغازلة أجهزة الاستخبارات في‮ ‬سبيل البقاء علي‮ ‬الكرسي،‮ ‬خاصة أن تلك الأجهزة هي‮ ‬التي‮ ‬أدارت علاقاته مع رجال البيزنس من العرب والأجانب‮.‬
ومن المفارقات العجيبة أن الأشخاص الذين‮ ‬يعرفون جميع التفاصيل،‮ ‬عن العلاقات الغامضة مع المخابرات وعلاقات البيزنس والعمولات،‮ ‬يقفون خارج دائرة الأحداث المشتعلة،‮ ‬والتاريخ لن‮ ‬يغفر لمن عرف والتزم الصمت فهل‮ ‬يتحدث كل من أشرف‮ ‬غربال ومنصور حسن‮.. ‬أم ستموت الحقائق بالصمت؟ أم أن الأمر مرتبط بعلاقات خاصة بين مبارك والذين‮ ‬يعرفون الحقائق ويصمتون‮.‬
اللافت للنظر،‮ ‬قبل‮ ‬غضب السادات وأسرته،‮ ‬عقب تناول منصور حسن لتقرير عن عدد من الفضائح،‮ ‬لم‮ ‬يسترد مبارك قوته مرة أخري،‮ ‬والصراع بين الرئيس ونائبه وصل لمنطقة ضبابية‮.. ‬السادات لا‮ ‬يريد إحداث بلبلة بإخراج مبارك بشكل سريع‮.. ‬والأخير‮ ‬يدير لعبته وفق اتفاقاته مع ريتشارد آلن‮.. ‬لكن هذه الفترة الشهور التسعة الأخيرة من حكم السادات‮.. ‬شهدت عودة قوية لسيد مرعي‮ ‬الذي‮ ‬نصح الرئيس السادات بالتروي قبل اتخاذ قرار بشأن نائبه‮.. ‬وقرر السادات وفق نصائح صهره مرعي،‮ ‬تشكيل هيئة مستشاري الرئيس لتقليص سلطات مبارك،‮ ‬أما منصور حسين فتولي‮ ‬إلي‮ ‬جوار منصبه‮ »‬وزير الثقافة‮« ‬منصب وزير شئون الرئاسة،‮ ‬وحصل علي‮ ‬صلاحيات واسعة،‮ ‬بحيث لا تصل ورقة من الحزب أو الحكومة أو الجيش إلي‮ ‬الرئيس قبل وصولها لمنصور حسن،‮ ‬وفرض الرقابة علي‮ ‬حسني‮ ‬مبارك،‮ ‬وهذا‮ ‬يساعد علي‮ ‬التخلص منه وبالتالي‮ ‬المشير أبوغزالة وبدأت الكراهية تعرف طريقها من السادات وزوجته إلي‮ ‬النبوي‮ ‬إسماعيل،‮ ‬لكن كان التخلص من النبوي‮ ‬مشوباً‮ ‬بالمخاطر،‮ ‬لأن لديه قوات أمن مركزي،‮ ‬التي تشكلت للحفاظ علي‮ ‬النظام وهي‮ ‬تأتمر بأمره‮.. ‬لكن الأمر كان‮ ‬يحتاج لبعض الوقت،‮ ‬وزادت الكراهية نتيجة للرقابة الصارمة علي‮ ‬تصرفات أسرة السادات من النبوي‮ ‬إسماعيل‮.. ‬هذه التقارير المسربة من أجهزة الاستخبارات عرفت طريقها إلي‮ ‬النشر منذ‮ ‬30‮ ‬عاماً،‮ ‬وتناولت الكثير من المعلومات التي‮ ‬تخص الأمن القومي،‮ ‬تحتاج للنظر إليها والتحقق منها،‮ ‬فهي‮ ‬أخطر بكثير من تضخم الثروات أو تهريب المليارات،‮ ‬لأن الأمر‮ ‬يطرح تساؤلاً‮ ‬في‮ ‬غاية الأهمية‮.. ‬هو كيف كانت تحكم مصر‮.. ‬ومن الذي كان‮ ‬يحكمها‮.. ‬خاصة إذا ما علمنا،‮ ‬أن الأمر لا‮ ‬يتعلق بمبارك نفسه،‮ ‬فقد امتدت أيادي الـC.I.A‮ ‬إلي‮ ‬آخرين في‮ ‬عهد مبارك،‮ ‬وهو ما كشف عنه الستار،‮ ‬بوب وود ورد في‮ ‬كتابه عن الحروب الخفية للمخابرات‮.. ‬وأشار فيه إلي‮ ‬تجنيد أحد المقربين من دائرة الرئيس وفي‮ ‬مكتبه بمعرفة المخابرات المركزية الأمريكية‮.. ‬وكشف فيه قصة الابلاغ‮ ‬عن الطائرة التي‮ ‬أقلت المجموعة الفلسطينية‮ »‬منفذي ضرب الباخرة إيفلي لاورو‮«‬،‮ ‬ولأن مبارك‮ ‬يعرف لغة المؤامرات،‮ ‬أوصي بأن من أبلغ‮ ‬المخابرات الأمريكية هو أبوغزالة لحرقه‮!‬
إذن القصة مرتبطة بالثروة والتخابر للوصول إلي‮ ‬السلطة وتحقيق الثروة عن أجل ذلك استغل مبارك سوء العلاقات بين السادات والأنظمة العربية،‮ ‬وغضب واشنطن منه،‮ ‬فأراد تصعيد الصدام بطريقة‮ ‬غامضة‮.. ‬خاصة أن بداية الانهيار في‮ ‬علاقات السادات داخلياً‮ ‬وصلت مداها‮.. ‬لكن انهيار العلاقات في‮ ‬مؤسسة الرئاسة هو الذي كان مؤشراً‮ ‬خطراً‮ ‬علي‮ ‬السادات،‮ ‬استثمره نائبه لصالحه‮.. ‬فقد وصل مدي‮ ‬هذا الانهيار إلي‮ ‬الدوائر الأخري‮ ‬المحيطة بالرئاسة،‮ ‬وهو مجلس الشعب إذ تمرد‮ ‬35‮ ‬نائباً‮ ‬من حزب السادات‮ »‬الموالين لتنظيم مبارك‮«‬،‮ ‬مع نواب المعارضة وإبراهيم شكري‮ ‬لمقاطعة إحدي‮ ‬جلسات البرلمان،‮ ‬التي‮ ‬قرر السادات أن‮ ‬يستضيف فيها‮ »‬إسحاق فانون‮« ‬رئيس إسرائيل أثناء زيارته للقاهرة،‮ ‬وأجبر السادات علي‮ ‬إلغاء خطاب فانون من مجلس الشعب من برنامج الزيارة‮.‬
كان تمرد نواب حزب السادات مرحلة أولي‮ ‬لنجاح مبارك في‮ ‬تكتيكه ضد الرئيس،‮ ‬كنوع من الاستفزاز والبدء في‮ ‬حملة اعتقالات لتأديب المعارضة،‮ ‬والخارجون عن طوعه من أعضاء حزبه‮.. ‬وهو ما جري لتلتف الدائرة حول عنق السادات،‮ ‬وينتهي‮ ‬الأمر بعدها بشهور قليلة،‮ ‬لأن‮ ‬يغتال‮.. ‬ومبارك وأبوغزالة بجواره،‮ ‬هذا هو مبارك الذي حكم مصر‮ ‬30‮ ‬سنة،‮ ‬وقبل أن‮ ‬يحكمها تسربت تلك المعلومات‮.‬


اقرأ المقال الأصلي علي بوابة الوفد الاليكترونية 

شهاده محمد عفت على أحدث السفارة الاسرائيليه في القاهره يوم ١٥ مايو ٢٠١١

Thursday, May 19, 2011

بطل من أبطال ثورة الحرية 25 يناير صاحب أشهر صوره

هويدا طه تكتب: لماذا تحتاج مصر إلى ثورة الغضب الثانية؟!


هويدا طه
مقتل الثورات.. حكم العواجيز
لم تقم ثورة ناجحة في التاريخ ثم بعد نجاحها تسلم الحكم لغير من قام بها.. إلا عندنا! هذا هو المأزق الحقيقي للثورة المصرية العظمى..السؤال الحقيقي الآن لا ينبغي أن يدور حول تفاصيل مثل (مطالب) إنعاش الاقتصاد أو وقف المحاكمات العسكرية المشينة أو الانتخابات أو الأمن أو غيرها وهي مطالب مهمة.. لكن بؤسها يكمن في أنها (مطالب)، وهذا يعني أن طرفا يطالب وطرفا بيده التنفيذ أو.. التطنيش! الطرف الذي يطالب نسى تحت ضغط محاولات إزاحته أنه الصانع الحقيقي للثورة.. والطرف الذي (يطنش) يريد أن ينسينا أنه (قفز) على الثورة، المأزق الحقيقي أن من قام بالثورة لا يحكم.. ومن يحكم ليس ثوريا لا بطبعه ولا بالشواهد ، دعونا إذن نواجه مأزقنا الحقيقي..
أولا: الحاكمون لمصر الآن.. من أنتم؟!
يحكم مصر الآن فئتان: عواجيز النظام الذي لم يصبح بائدا بعدْ.. والمجلس العسكري، كلاهما على مدى عشرات السنين كان يرى عن قرب الفساد والظلم الذي مارسته عصابة مبارك وأعوانه.. ولم يبد منهم أي خروج عليه.. بل ربما شارك بعضهم بالفعل مثل بعض قياداتالشرطة التي مازالت في مواقعها..أو بالتغاضيمثل باقي مؤسسات الدولة ورجالاتها..
** عواجيز النظام
كل من يتولى ملف المحاكمات الآن.. كلهم.. عّينهم في مواقعهم أو تركهم فيها برضاه.. رئيس العصابة المخلوع، وبسبب العشرة الطويلة مع مبارك وحاشيته نعرف جميعا أن هذا الرجل كان حريصا على إقصاء الشرفاء، هذا ليس اتهاما للنائب العام أو رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات أو رئيس جهاز الكسب غير المشروع أو الوزراء أو القضاة أو أو.. حاشا لله أن يتهم مواطن أحدا بلا قرينة.. فما بالك إذا كان هذا الأحد موظفا عاما وفي موقع يدير الدفة، إنما هو فقط.. تساؤل.. تساؤل مواطن عادي: ألستم جميعا كنتم موجودين قبل الثورة؟ ألم تكن لديكم تقارير عن الفساد والظلم البيّن الذي يمارس على المصريين؟ تقولون كنا نصدرها وكانت توضع في الأدراج.. لماذا إذن لم تعرضونها على الرأي العام وقتها لابراء ذمتكم أمام الشعب؟ هل كنتم تخافون اللص القائد ولا تخافون الشعب؟ الشعب الذي احتقره مبارك وحاشيته ورجاله ومؤسساته.. وكانوا يتصرفون باستعلاء ويقين بأنه شعب لا يغضب مهما ذل، أيها السادة الباقون في مواقعكم لازلتم وأنتم من رجال نظام المخلوع.. ثلاثة أشهر وأنتم ترتجفون أمام وليكم السابق.. تقتربون منه خطوة وتتراجعون عشرة.. هذا سلوك لا علاقة له بثورة قامت لإزاحته وليس لتدليله! هذا سلوك العبيد أمام سيدٍ.. وقع! أي ثورة تلك التي تدلل من ثارت عليه؟! ما تفسير ذلك؟ إليكم إذن تفسير المواطن العادي.. أنتم لستم من صنع الثورة ولستم أبرياءً من تواطؤ مع المخلوع لدرء العقاب عنه بأقصى قدر ممكن.. وقد يكون لديكم علة تخافون منها (نكرر.. هذا شيء لا قرينة عليه لكنه.. تساؤل رجل الشارع.. فاسمعوه!) هذا أولا، أما ثانيا فالشارع يتساءل بحرقة: متى ترحل عنا دولة العواجيز تلك؟! لماذا كل مسؤول في هذا البلد يتخطى عمره السبعين وأحيانا الثمانين؟ لماذا تصرون على سلب زمانكم وزمان غيركم؟ لماذا نخضع لمن ترهلوا واستكانوا بحكم الزمن؟ الثورات بطبيعتها هادرة.. وهي لا تنجز تغييرا عظيما إلا لأنها هادرة.. لأن من يقومون بها ثم يحكمون لديهم أمل عظيم في مستقبل أعظم وإرادة تفل الحديد.. أما عندما يقوم الثوار بثورة هادرة ثم يزيحهم العواجيز ويحكمون.. فلن نجد إلا هذه الشكوى اليومية من رجال شاخوا بدعوى الحكمة الزائفة.. شكاوى العواجيز المتبرمين من كل فعل هادر.. يتحججون باقتصاد يهوى وهم يعلمون أنه هوى بفعل فساد قامت ضده الثورة.. وليس بسبب هدير الثورة الشابة، أيها الرجال الذين يغتصبون زمان غيرهم .. ارحلوا.. ارحلوا.. ارحلوا..
** المجلس العسكري
آن لهذا الشعب أن يدرك أن الجيش شيئ.. والمجلس العسكري شيئ آخر، نحن نحب جيشنا وندعمه ونريد له علو القيمة والمقام دائما، تلك واحدة من شيم الأمم العريقة ونحن أمة عريقة هنا، وإذا كنا نقبل نسبيا في الظروف العادية أن تكون مؤسستنا العسكرية (مؤسسة غامضة) فذلك لأن السرية والتعتيم قد تكون صفة ضرورية للخطط العسكرية والحروب وهي بذلك عقيدة للجيوش، لكن السرية والتعتيم هما مقتل الحكم المدني السياسي، وفي ظرفنا هذا لا نتحدث عن (مؤسستنا) العسكرية بل عن (مجلسنا) العسكري الذي يضطلع الآن بمهمة الحكم المدني،
أولا: المجلس العسكري يذكرنا في كل بيان له (بفضله) علينا.. يمّن علينا بشكل مباشر أحيانا وغير مباشر أحيانا أخرى بأنه (لم يفتح علينا النار) لم يفعل كما فعلت الجيوش العربية الأخرى (الغادرة)، صحيح أنه بالفعل لم يكن (غادرا) معنا وتلك شيمته عبر العصور وهذا لأننا أمة عريقة وجيشها عريق محترم، لكن هذا ليس منة على الشعب.. هذا واجبه الأساسي حماية الشعب.. ولا شكر على واجب، الجيوش الأخرى هي التي لم تقم بواجبها (وغدرت بشعوبها)، ثم أن جيشنا ليس كيانا منفصلا عنا حتى يكون عدم غدره منة وفضلا.. بل هو جزء منا.. هو لنا.. هو مؤسستنا.. نحن الشعب، وليس لجزء منا أن يمن علينا بأنه مازال جزءً منا!
ثانيا: المجلس يتكون من رجال عسكريين.. في مهمتهم العسكرية يكونون منضبطين منغلقين قليلي الكلام هادئين محافظين يضيقون بالإعلام ويستنكرون النقد كما هو ضروري لمهمتهم العسكرية، لكنهم عندما يتعاملون بنفس هذه الصفات في مهمتهم المدنية (المؤقتة) فهم عمدا أو استهانة أو بدون قصد يقللون من فعل وقيمة الثورة ويحدون من سقف أحلامها.. ويحبطون شبابا بل شعبا بأكمله حلم بإزاحة الظلم.. بل ويثيرون الريبة، فلا يخفى على أحد أن ارتيابا كبيرا يتسع في الأسابيع الأخيرة حول ما يبدو وكأنه (تواطؤ).. حتى مع البيانات التي تريد بث طمأنينة حاسمة بألا تواطؤ هناك، لكن هذا التدليل المستفز للمخلوع وقرينته يثير ضيق بل ويأس الشعب، فالتهم  الموجهة إلى المخلوع تسمى في أدبيات الثورات (الخيانة العظمى)، فكيف لعسكريين يكونون بطبعهم حساسين تجاه (الخيانة) أن يدللون خائنا للوطن إلى هذا الحد؟ وأنظروا ما تنشره روزاليوسف عن تفاصيل أفعال هذا المخلوع طوال فترة حكمه وأيام الثورة حتى تشعرون بفوران الدم من (حجم الخيانة)، والمشير طنطاوي نفسه قال في كلمته لخريجي أكاديمية الشرطة (لقد اجتمع جميع أعضاء المجلس على قرار واحد: ألا نطلق النار على الشعب) تلك والله شهادة يا سيادة المشير بأن (ثمة خائنا) أمر بإطلاق النار على الشعب! أيها المجلس العسكري.. أنت مطالب من الشعب الذي أنت منه وله بألا تدلل خائنا.. هل هذا كثير؟!
ثالثا: المجلس العسكري يدير البلاد بعقلية النظام الذي لم يصبح بائدا بعدْ.. اقتصاديا وسياسيا وأمنيا.. وهذا مقتل للثورة عمدوا إلى ذلك أو لم يقصدوا، فاقتصاديا أصدر المجلس يوم الاثنين (قانون المصالحة مع رجال الأعمال) وهو بذلك يستكمل مسيرة المخلوع في تدليل رجال الأعمال.. هؤلاء الذين استحلبوا مصر ولم يقدموا لها شيئا.. هل منهم من فعل مثل رجال الأعمال في أعتى الرأسماليات مثل أمريكا واليابان فبنوا صروحا للبحث العلمي والصناعي مثلا؟ هل منهم مثلا من قدم للشعب جامعات مستقلة عنه كمالك بل تاجر يستحلب أموال الطلاب ولا يهمه شيء آخر.. مثلما فعل رأسماليو اليابان؟ إن تخويف المصريين من انهيار الاقتصاد إذا لم يدلل رجال نهب الأعمال هؤلاء هو سير في نفس طريق النظام الفاسد.. أين الثورة؟! أين الثورة ياناس؟! الثورات يا مجلسنا تزيح اللصوص وأحيانا تقتلهم (لكننا طيبون ولا نريد القتل) ثم تحفز إرادة الشعب ليبذل العرق في بناء نهضة حقيقية.. لكنك يا مجلسنا تبدو (خائفا من مشاركة الشعب) أو ربما غير واثق في قدرته الكامنة.. لذلك تعمل كل يوم على العمل على (إزاحته جانبا)، سببت يا مجلسنا إحباطا لشعب أذكرك بملامحه صبيحة يوم التنحي عندما بدا المواطنون مبتسمين راغبين في تنظيف الشوارع وبناء ما تهدم ومتحفزين للعمل ثم.. ثم فجأة بدأ بتلقي الضربات صباحا ومساءً حتى شعر بأنه (غير مرغوب فيه)! ما عليك يا مجلسنا سوى قراءة تاريخ الثورات لتعرف أن المعجزات تتحقق فقط عندما تستنهض إرادة الشعب للبناء.. وليس بالتسول من دول أقل شأنا منا حضاريا وعراقة وثقلا تاريخيا.. وليس بتدليل اللصوص ليسرقون بعد الثورة كما سرقوا قبلها.. والشعب المصري لديه خبرة رهيبة في التحمل إذا أيقن أن نهاية التحمل إنجاز كبير.. هذا شعب أصيل لماذا لا تثق به؟! وأذكرك يا مجلسنا بأن جمال عبد الناصر رفض التسول لبناء السد العالي واستنهض همة المصريين وأمم القناة بقرار ثوري.. وتم بناء السدرغم ما قيل أيامها عن (انهيار الاقتصاد بسبب العدوان الثلاثي)، لا يعقل يا مجلسنا أن أتذكر أنا المواطنة العادية ثورية عبد الناصر ولا تتذكرها أنت! هذا ما يحدث عندما يحكم من يقومون بالثورة، لكن شبابنا العظيم الذي قام بالثورة لم يحكم بل أزيح بدعوى قلة الخبرة بل لم تكتفون بإزاحته إنما تحاكمونه عسكريا (وتقلبونه في يومين) إلى غياهب السجون الحربية! يا مجلسنا مطلوب منك تفسير.. لماذا تسجن الشباب وتفرج عن الخونة؟! أين الثورة؟.. أين الثورة؟ أين دفنتم ثورة شبابنا؟.. الشعب غاضب يا مجلس.. إن لم تشعر بذلك حتى الآن.. فهناك شباب آخرون لم يسجنوا بعد..
ثانيا: ثورة الغضب الثانية
مازال إذن كثير من الشباب لم يسجن بعد.. الحمد لله! لذلك وبسبب الإحباط والشعور بالتهميش الذي فرض عليهم ستبدأ ثورتهم الثانية.. لكن ما يحتاج وقفة هو حقا مطالب تلك الثورة الثانية وشعاراتها وظروفها..
** صدق أو لا تصدق.. أهم شعار قد يرفع في ثورة الغضب الثانية هو (الشعب يريد اسقاط النظام)! لأن النظام لم يسقط بعد، لأن بعض الرجال في الحكم الآن لا يخفون حتى كراهيتهم للثورة.. وبعضهم كان في لجنة سياسات جمال مبارك التي خربت بلدنا ونهبته بسياساتها تلك، ولأن كثيرين كذلك هم هؤلاء السبعينيين والثمانيين المتشبثون بمواقعهم بشكل يثير الذهول حقا! رجال النظام القديم لابد أن يستكمل اسقاطهم.. أما كبار السن والخبرة النزيهين ولهم بالطبع كل التقدير والاحترام وهم فوق رؤوسنا فهم أباؤنا (وأجدادنا!) وسوف نصبح كبارا كهولا مثلهم ذات يوم- إن عشنا- فهم مع احترامنا لهم (يتمترسون) في مواقع ليست لهم بحكم الزمن بل بحكم العدالة حتى.. أجيال وراء أجيال حرمت من تقديم طاقتها الهادرة لهذا البلد بسبب تشبث هؤلاء بمواقعهم ، إذن ثورة الغضب الثانية لابد أن تكون أول مطالبها.. اسقاط رجال النظام.. سواء الفاسدين منهم أو العواجيز، مطلب هام حقا.. إعادة هؤلاء العواجيز إلى منازلهم لتناول القهوة صباح كل يوم في البلكونة.. حتى يتسنى للشباب أن يتسلم مواقع إدارة البلاد ليصبوا طاقتهم الهادرة فيها.. كي تزهر من جديد بعد أن أذبلها طويلا ائتلاف الفساد والشيخوخة..
** ثاني الشعارات ربما يكون (الشعب يريد البحث عن قائد للثورة)! فأهم سبب سهل على بقايا النظام والمجلس العسكري إزاحة الشباب كان أنهم بلا ممثل.. يتفاوض ويضغط ويهدد وينفذ باسمهم.. لابد للشباب من انتخاب واحد تتجمع فيه صفات قيادية يضطر المجلس والنظام اضطرارا للتوجه إليه.. ليس بالضرورة انتخاب كامل الشعب له.. فهو مؤقت، ولتسهيل العملية عليهم أن ينتخبوا واحدا لتثميلهم ويشترطون عليه ألا يرشح نفسه للرئاسة بعد ذلك، وهذه هي فكرة (الآباء المؤسسين).. تلك الفكرة العظيمة التي أجدها في مسيرة (التغيير الجذري) في تاريخ كل أمة (تغيرت فعلا)! الآباء المؤسسون للدستور الأمريكي وضعوا الدستور ثم كان الشرط ليس فقط ألا يترشحوا إنما ألا يستفيدوا هم وعائلاتهم من كل مادة وضعوها في الدستور وفي القانون.. هي مهمة (رسالية) خالصة للوطن.. القائد الذي يجب أن تبحث عنه الثورة هو قائد عليه أن يقدم الوطن على نفسه.. حينئذ سيجد الحاكمون الآن من يواجههم بشرعية الثوار.. ولأنه يعلم بمهمته الرسالية فلن يختلف الثوار عليه كثيرا ولن تكون المعايير حزبية أو أيديولجية.. لعل المفيد هنا أن يفكر الثوار في البرادعي.. فالرجل يبدو صادقا في أنه لا يريد منصبا ولا يريد شيئا لنفسه.. ويستوعب جيدا فكرة (المهمة الرسالية المؤقتة)..
** ثالث الشعارات ربما يجب أن يكون (الشعب لن يترك الميدان حتى تتحقق- جميع- المطالب).. وتجربة انفضاض الثورة المبكر كانت درسا كبيرا للثوار.. الميدان ضاغط بشكل مدهش.. هذا ما تعلمناه في الأسابيع الماضية.. لا رحيل عن الميدان حتى رحيل آخر رجل في هذا النظام.. وحتى تمام محاكمات المخلوع ورجاله وصدور الأحكام وحتى يوضع دستور جديد أولا ثم على أساسه تجرى الانتخابات البرلمانية والرئاسية ثانيا.. أما السؤال هل سيتم ذلك بسهولة؟! الإجابة.. الاستبسال.. وإلا لماذا نسمها.. ثورة؟ فلنتذكر الاستبسال الأسطوري يوم 28 يناير.. نعم.. يمكننا الاستبسال.. مرة ثانية..
** رابع الشعارات (الثوار يريدون حضور الشعب)! فالخوف أن يكون الشعب قد عاد إلى الركون والصبر مرة أخرى وارد لكن.. ما أخرج الشعب عن صمته في الثورة الأولى كان استبسال طليعته.. لتبدأ طليعته أولا ثم (تستدعيه) وكلما زاد الاستبسال تحمس الشعب.. تذكروا أيام الثورة الأولى.. كم كان الشعب المصري مدهشا مفاجئا.. ليس بعيدا أن يفاجئ نفسه مرة ثانية.. فهو شعب متابع بذكاء لما يجري.. بأكثر مما يظن الثوار أنفسهم والمجلس العسكري وعواجيز النظام وبقاياه والفلول وكل من فقد الثقة في الشعب المصري المدهش.. الثوار يريدون حضور الشعب قد يكون شعارا مدهشا يحمل في طياته حتى كل المطالب الاقتصادية التي يريدها الناس الرازحون تحت ضربات ضيق الرزق.. فلنجرب..
** ربما تكون الثورة الثانية أصعب من حيث الظرف.. فالشباب وهو جسم الثورة ودماؤها وهديرها مقبل على امتحانات والأسر مطحونة في تلك الماكينة.. والخوف من عدم الإجماع وارد وغيرها من الظروف لكن.. الاستمرار مفتاح الإنجاز.. ليس أمام الشعب المصري سوى الخروج مرة أخرى طالما الطرق أمامه تسد يوما بعد يوم.. والفلول تتلاعب بلقمة عيشه ودينه ووحدته ومستقبله.. والبلاد تدار بنفس السياسات البالية القديمة مع تحسن طفيف هنا وهناك لا يعبر عن ثورة عظمى أبدا..
الشعب المصري ذكي.. لم يعد أحد في حاجة إلى دليل.. المهم أن يكون الثوار أذكياء.. ليمكنهم استدعاء الشعب مرة أخرى.. ليأتي الشعب ويقول لكل هؤلاء الذين أزاحوه جانبا.. ارحلوا ارحلو.. ارحلوا جميعا.. لا نستثني منكم أحدا.

في ١٩٥٢ الجيش عمل ثورة و الشعب وقف معاهم .في ٢٠١١ ،الشعب عمل ثوره والجيش إشتغلهم



-يا ترى محاكمه كل مجرمي النظام مدني صدفة ؟!
-يا ترى محاكمه كل المتظاهرين محاكمه عسكرية صدفه  ؟! 
-يا ترى محاكمه القائد الأعلى للقوات المسلحة الذي إستمد شرعيته  من حرب أكتوبر محاكمه مدنيه  صدفة  ؟!
-يا ترى لما ١٠٠٪  دخل قناه السويس حوالي ١٠ مليار دولار يعود إلى خزانة الدوله ،بعد أن كان يصرف كمخصصات لرئاسه الجمهورية ، ويظل المجلس العسكري يروج أن مصر على وشك الافلاس   صدفة  ؟!
بسم الله الرحمن الرحيم الاجابة : نعم صدفة ...بس   صدفة بعضشي ،

د أحمد خالد توفيق لا تصالحْ! ولو منحوك الذهبْ



لا تصالحْ! ولو منحوك الذهبْ
أترى حين أفقأ عينيكَ 
ثم أثبت جوهرتين مكانهما
هل ترى؟
هي أشياء لا تُشترى

أمل دنقل

كتب أمل دنقل هذه الأبيات عن العدو الإسرائيلي، واليوم أكتبها ضد من هو أخطر وأسوأ وأشد كراهية لمصر وحرصًا على دمارها. لقد برهن مبارك على أنه يمقت مصر بلا تحفّظ، وعلى أنه يتعالى على شعبها ويراه مجموعة من الأغنام، وهو مستعد لتدمير مصر وقتل كل شبابها كي يبقى وأولاده يومًا آخر.. باع كل شيء أو سمح ببيعه، وحوّل هذا البلد العظيم إلى خرقة بالية تابعة بلا كرامة


فجأة تتحرك التيارات بسرعة، وتهب عواصف الثورة المضادة بشكل غير مسبوق، ثم تلوح في الأفق أضواء جديدة للتسامح ووعد ببدء صفحة جديدة.. والآن يطلق سراح اسم تلو التالي من تلك الأسماء التي خدّرونا بها بعض الوقت.. كنا نقرأ: القبض على فلان.. فلان بالبذلة البيضاء.. بورتو طره.. فلان يقول لفلان: إنت اللي ورّطتنا... إلخ. ينتشي الناس ويصفقون في نشوة كما كانوا يفعلون أيام الثورة الفرنسية وهم يرون رؤوس النبلاء تتدحرج. لكننا متحضرون ولسنا مثل دهماء الثورة الفرنسية الظامئين للدماء! مع الأسف لسنا مثلهم لهذا ظللنا ننتظر أن يحدث شيء.. التحقيقات كشفت عن أشياء كثيرة، وجعلتنا نفطن إلى ما كنا فيه.. كنا نعرف أننا منهوبون مخدوعون، لكننا لم نتصور أن تبلغ الأمور هذا المبلغ، ولا أن الفساد كان بهذا القدر. معجزة حقيقية هي أن هؤلاء القوم ظلوا يبدون بشريين ولم تنبت لهم أنياب ولم يسل اللعاب من أشداقهم. لماذا سرقوا كل هذه المبالغ؟ لتأمين مستقبلهم ومستقبل أحفاد أحفادهم؟ برضه تظل المبالغ باهظة جدًا وتنم عن روح "الاستخسار".. أو كما يقول اللسان الشعبي ساخرًا "بدل ما حد تاني ياخدهم". ونحن رأينا الفقر على أصوله، ورأينا المريض الذي يموت؛ لأنه لا يملك خمسين جنيهًا، ورأينا مشاجرات تُفتح فيها البطون بسبب مائتي جنيه، وقرأنا مرارًا عن العامل الذي يحرق نفسه لأنه لا يستطيع شراء كراسات المدارس لأولاده.. لهذا يحمد المرء ربه على نعمة ألا يكون مسئولاً إلا عن أسرته.. كيف ينام المرء وهو يعرف أنه مسئول عن تعاسة خمسة وثمانين مليون مصري؟ وماذا عن الحساب؟ هذا يقودك لاستنتاج أهم؛ هو أن هؤلاء القوم لا يؤمنون بوجود حساب كذلك، وحتى لو تظاهروا بذلك فهذا الادّعاء لا يتجاوز الحناجر

هكذا دارت التحقيقات أيامًا

انتشى الناس بالخبز وألعاب السيرك قليلاً، ثم انتهى الحفل فجأة، وبدأ مسلسل عودة السادة.. إفراج.. انتهاء تحقيقات.. إخلاء سبيل 

كلام كثير عن التسامح والعفو.. عفو إيه بالضبط؟ وهل كان مبارك سيعفو عن أي واحد من الذين قاموا بالثورة لو فشلت؟ ولو كان يحب العفو بهذا القدر فلماذا لم يعفُ عن بطل أكتوبر العظيم الشاذلي، وسجنه برغم سنه ومكانته والصدق الواضح في مذكراته؟

كعادة مبارك في الكذب في كل شيء؛ منذ وعد بأنه لن يجدد فترة الرئاسة، والكفن مالوش جيوب، ومنذ وعد بأنه لن يسجن صحفيًا.. كالعادة يؤكد أنه لا يملك أي حساب مصرفي خارج مصر، بينما كل البيانات تؤكد وجود حسابات من ذوات التسعة أصفار. الآن يعتذر عما قد يكون قدّمه ضد الشعب المصري، وهو كالعادة كاذب، وهو غير آسف على الإطلاق، لكنه مضطر لمهادنة هؤلاء الجهلة، وأن يعصر على نفسه ليمونة  

لقد فهم مبارك نفسية ربات البيوت السياسيات من طراز "يا روح أمك يا حبيبي.. أصل إحنا ماعندناش أصل.. الراجل ده زي أبونا برضه". وقد كاد يمس القلوب ويقسم الثورة في خطاب "سأدفن في مصر وليقل التاريخ كلمته" الشهير.. اليوم يجرب ذات الحيلة. وسوف تلاحظ أن من تحمّسوا له أول مرة تحمسوا له اليوم، وهم غالبًا من رأوا أن شفيق رئيس وزراء وربما رئيس جمهورية رائع

من ضمن الأسلحة الأكيدة لدى رجال مبارك تسريب المعلومات المتناقضة بلا توقف.. فعلاً الظاهرة الإعلامية الجديدة هي ظاهرة الخبر الذي يستعمل مرة واحدة
Disposable
ويتم تكذيبه بعد ساعة. والمشكلة الأخرى هي أن كل شيء مؤامرة كبرى أو خطأ فادح سوف ندفع ثمنه غاليًا فيما بعد... كل شيء حتى فوز نبيل العربي بمنصب أمين جامعة الدول العربية، كأن وزير الخارجية أخطر منصب في الحكومة أو كأنه كان قادرًا على تدمير إسرائيل لكنهم منعوه. والنتيجة هي أن الناس بدأت فعلاً تشك في حكومة شرف، برغم أنها من أفضل الحكومات التي عرفتها مصر مؤخرًا

لا شك في أن مكاسب الثورة يتم تفتيتها ببطء، وكأن الثورة لم تقم إلا من أجل سجن أحمد عز الذي يبدو أنه "هيشيل الليلة كلها"، ما لم نقرأ غدًا خبر الإفراج عنه. نسيت كذلك العادلي الذي لا أنكر أنه سفاح مجرم، لكن من المستحيل أن يتحمل كل شيء وحده.. لقد سخروا من العادلي لأنه كان يلقي مسئولية كل جريمة على المتخلف عقليًا إياه.. اليوم يلقون مسئولية كل جريمة على العادلي، بينما يدعون للعفو عن رئيس العادلي

يقول البعض: أين كنتم أنتم عندما كان مبارك يحكم؟ وما كل هذه الشجاعة؟ الجواب قاله خروشوف عندما كان ينتقد فظائع ستالين بعد موته، فأرسل له أحد الجالسين في اللجنة المركزية ورقة تقول: أين كنت أنت وقت هذه الفظائع يا رفيق؟ نظر خروشوف حوله وسأل: من أرسل هذه الرسالة؟ لم يردّ أحد

قال خروشوف: كنت في ذات المكان الذي تجلس أنت فيه الآن

كان بوسعنا الكلام كثيرًا، والطريق قد مهّدته البلدوزرات الثقيلة التي يقودها عبد الحليم قنديل وعبد الله السناوي وإبراهيم عيسى وعلاء الأسواني وسواهم.. لكن لم تكن أية جهة لتنشر لك مقالاً يدعو لمحاكمة مبارك أو يتهمه بالسرقة. كن معقولاً 

الخلاصة هي: لا تصالح

لا تكسبوا مبارك وأسرته وتفقدوا مصر التي ستتحول إلى كتلة من النار الثائرة لا تُبقي ولا تذر، لو أدرك الجميع أن الثورة لم تكسب سوى عقاب عز والعادلي، وقيام الشباب بدهان بعض الجدران والأرصفة

ونعود من جديد لأمل دنقل العظيم

لا تصالحْ
ولو وقفت ضد سيفك كل الشيوخْ
والرجال التي ملأتها الشروخْ
هؤلاء الذين يحبون طعم الثريدْ
وامتطاء العبيدْ

لا تصالحْ
فليس سوى أن تريدْ
أنت فارسُ هذا الزمان الوحيدْ
وسواك.. المسوخْ