شاعر العراق الكبير : عبد الرزاق عبد الواحد | 02-04-2011 00:41
رَتـِّـلْ قـَصـيـدَكَ كالآيـاتِ تـَـرتـيــلا * واجعَـلْ حروفـَـكَ مِـن ضَـوءٍ قــَنـاديـلا
وَقـَبِّـل ِالأرضَ، كلَّ الأرض ِ، تـَقـبـيـلا * فـأنـتَ تـَسـتـَقـبـِلُ الأهـرامَ والـنـِّـيـلا !
هذي ذ ُرا مصر، كـَي تـَدنـُو لِهـَيـْبَـتـِها * أنـْـشـِـدْ لـَواسـْطـَعْـتَ قــُرآنــا ًوإنجـيـلا !
وَلا تـُأ وِّ لْ لـِمِـصر ٍ أيَّ مـُعـْجـِـزَ ة ٍ * إنَّ الـحـَقـائـِـقَ لا يـَـقـْـبـَـلـْـنَ تـأويـلا
وَمِـن حَـقــائـِق ِ مـِصر ٍ أنْ بـِتـُربَـتـِهـا * آيــاتُ بـَدْءِ الـسَّـنـا نـُـزِّ لـْنَ تـَـنـزيـلا
أيـَّـامَ كـُلُّ الــدُّ نــا عـَمَّ الـظـَّلامُ بـِهـا * وَكـُـلُّ أسـمـائـِهـا كـانـَتْ مـَجــاهـيـلا
أ ُولى الشـُّموس ِأضاءَتْ مصرُ مَشرِقـَها * حـتى غـَدا ضـَوؤهـا لـِلأرض ِ إكـلـيـلا !
1
أ ُمَّ الحـَضاراتِ ..هـَلْ غـَيـْبٌ فـَنـَسـألـُه ُ * أمْ واقـِعٌ ظـَلَّ فـيـهِ الـكـَونُ مَشغـولا ؟
لـِلـيـَوم ِ مـُعـْجـِزَة ُ الأهــرام ِ زائـِرُهـا * إذا رَنــا رَدَّ عـَـنـهـا الـطـَّرْفُ مـَذهـولا
يُـلـقي أبـو الهـَول ِهـَولا ً في مَـفـاوُزِهـا * خـَمسـينَ قـَرْنـا ًقـَضَى عَـنهـُنَّ مَسـؤولا
تـُضيـفُ عُـمْرا ًلـِعـُمْر ِالـدَّهـْر ِهـَيـْبـَتـُه ُ * كـأنـَّـهُ يـُوسـِـع ُ الأيـَّــامَ تـَحــلــيـلا !
وَهـا مـَتاحـِفُ كـُلِّ الأرض ِ تـَمـلـؤهـا * آيــاتُ مـِصـرَ كـُنـوزا ً أو تـَمـاثــيـــلا
وَكـَنـْزُهـا ، كـَنـْزُهـا الأبـْهى عروبـَتـُهـا * يـَظـَلُّ في أحْـلـَكِ الـسَّـاعـاتِ مَـأمـُولا
وَدارُهـا الــدَّارُ ، مـا دارَ الـزَّمـانُ بـِـنـا * يـَبْـقـى بـِنـَخـْـوَة ِ مـِصريـِّيـنَ مَـأهـُولا !
هيَ الـدَّريـئـَة ُ ، وَهيَ الأ ُمُّ مـا نـَكـَفـَتْ * والـكـِبْـريـاءُ المُرَجـَّى ، والـيَـدُ الطـُّولى !
2
والـلـهِ لـَو أنَّ أرضَ الـعُـرْبِ أجْـمَـعـَهـا * جَـفـَّتْ ، وَصَبْـرُ الـدَّوالي فـَوقـَها عِـيـلا
لـَصَعـَّدَ تْ مِصرُ لـِلـجـَوزاءِ قـَبضَـتـَهـا * وَسـَـيـَّلـَتْ شـَعَـفـَاتِ الـغـَيـم ِ تـَسـيـيـلا !
هيَ الـذ َّخـيـرَة ُ.. تـَبـقى دائـِمـا ً أمـَلا ً * جـِـيـلٌ يـُبـَشـِّـرُ با ســتـِقـبـالـِه ِ جـيـلا !
يـا أ ُمَّ شـَوقي ، وَشـَوقـي لا مـَثـيـلَ لـَه ُ * في حَومَة ِالشـِّعْـر ِلا كـِبْـرا ً، ولا طولا
فـي كـُلِّ بـَحْـر ٍلـَه ُ مـَوجٌ وأ شـر ِعـَة ٌ * تـَخـُصـُّه ُ هـوَ ، يـُجْـريـهـا مـَراســيـلا
للهِ .. لـِلـمـُصطـَفى .. حتى إذا بـَلـَغـَـتْ * لـِلـنـِّـيـل ِ..زَجَّـلـَهـا م ِالـحُـبِّ تـَزجـيـلا !
حَتى الأ ُطـَيـفـالُ صاغـُوا مِن قـَصائِدِهِ * قـَـلائـِدا ً لـَبـِسـُـوهـا ، أو جـَـلاجـيـلا !
ما زالَ مِن دَمعـِه ِالجاري على بـَرَدى * سـَيْـفٌ يـَضُـجُّ مَعَ الأمواج ِ مَسـلولا
3
يَصيحُ بالعُرْبِ كلِّ العُرْبِ هَـل بَـقـيـَتْ * تـِلـكَ الـشـَّهـامَة ُ أم صـارَتْ أقـــاويـلا ؟
هذي قـصائـِدُه ُ الـكـُبـرى تـُعَـلـِّـمُـنـا * كـيـفَ الـمَجـَرَّاتُ يـَشـَّـكـَلـْن َتـَشـكـيـلا
عـبـدُالـوَهــاب حَـبـاهـا عـَبـقـَريـَّـتـَه ُ * وَا ُمُّ كـُلـثـوم صـاغـَتـْهـا هـَلاهـيـلا !
وَشـَعـبُ مِـصـرَ سـَـقـاهـا أريـَحـيـَّـتــَه ُ * فـَلـَيـَّـلـَتْ ، فـَتـَمـادى الـلــَّيـلُ تـَلـيـيـلا !
حَتى إذا الـفجْـرُ أدنى شـَمسـَهُ رَمَشـَتْ * جـُفـونـُهـا ، ثـُمَّ عـادَ الـجـَفـْنُ مَسـبـولا !
أ ُمَّ الـعَـمالـيـق ِ، قـُولي لـِلـزَّمان ِكـَفى * جـاوَزتَ حَـدَّ كَ تـَعـلـيـلا ً ، وَتـَمْهيـلا
لـَسـنا صِـغارا ًلـِتـُهـديـنـا دُمىً وَحِـلـىً * وَلا سـُـكـارى لـِتـَسـقـيـنـا مـَواويــلا !
4
فـَنـَحـنُ قـافـِلـَـة ُ الأهـرام ِ..تـَعـر ِفـُهـا * ســتـُّونَ قــَرْنـا ًوَمـا بـَـدَّ لـْـنَ تــَبـديـلا !
حاشاكِ مصرُ..بـَلـَغـْتِ الـنـَّجْـمَ راهـيَـة ً * أيـَّـامَ كـُلُّ الــوَرى كانـوا تـَنـابـيـلا !
نـَسِيتَ بَغـداد ؟..قالـَتْ لي ، فـَجَـفـَّلـَني * سـُـؤالُ زَوجَـتيَ الـمَـذبـوحُ تـَجـفــيـلا
نـَسِـيتُ بـَغـداد ؟!..وَيْـلـُمِّي وَوَيْـلَ أبي * لـَو لـَيـلـَة ً بـِتُّ عـَن بـَغـداد مَـشـغـولا
إنـِّي أ ُشـاغـِلُ رُوحي عـَن مَـذابـِحِـهـا * كـَي لا أصيـرَ مـَعَ الإدمـان ِ مَخـبـُولا
نـَسيتُ بغداد؟..أنسى؟..كيف؟..إنَّ لـَها * عـَدَّ المَسـامـاتِ في جـِلـدي تـَفـاصيـلا
تـَبـَرْعَمَتْ في دَمي حتى غـَدَتْ وَرَما ً * دَمـامـِلا ً مـِلْءَ روحي أو ثــآ لـيـلا
هَجَرتَ بغداد ؟ حاشا..مُنذ ُأن ذ ُبـِحَتْ * صندوقُ قـَلـبي عَـلـَيهـا ظـَلَّ مَـقـفـولا
5
فحَيْـثما صِرتُ أمضي يُبصِرون مَعي * نـَهـرا ًمِن الـدَّمع ِفي عـَيـنـَيَّ مَحمولا !
يـُقـالُ رزّاقُ مـا تـَـنـفـَـكُّ أدمـُعُـه ُ * تـَجري ، فـَماذا يُريدُ الـنـَّاسُ تـَعـليـلا ؟
أهـلي ، وَجيران ُأهلي كـُلـُّهُم ذ ُبـِحُوا * وَقــُتـِّـلَ الـنـَّاسُ كلُّ الـنـَّاس ِتـَقـتـيـلا
وَقـُطـِّعَـتْ جُـثـَثُ الأطفال ِواقـتـُلـِعَـتْ * أحـشاؤهـُم ..عـَلـَنـا ًحُـمِّـلـْنَ تـَحْـميـلا
مِلْءَ الـمَشـافي بـِأمـريـكا مَحاجـِرُهـُم * بـِيعَـتْ ، وشَعْـفاتـُهـُم صارَتْ مَناديلا
تـِجـارَة ًجـُثــَثُ الأطـفـال ِ في وَطـَني * أضحَتْ ، وَحُلـِّلَ خَطفُ الطـِّفـل ِتـَحليلا
أمّا بيوتُ بـَني أ ُمّي ، فـَصرتَ تـَرى * في كـُلِّ بـَيـتـَيـن ِ هابـيـلا ً وَقـابـيـلا !
يـَذ َّابـَحُـون ..وأمـريـكـا ، وَزُمرَتـُهـا * تـَأتي بـِقـاتـِلـِهـِم فـي الـصُّبْـح ِمَقـتـُولا !
6
في كُلِّ يَوم ٍ، معَ الأخبار، صِرتَ ترى * كـُلَّ العِـراق ِعـلى الـسَّاحاتِ مَجْدولا
فـَإن تـَمَعـَّنـْتَ في الأطفـال ِفي وَطني * تـَرى عَجـائـِزَ فـي أعـوامـِها الأولـى !
الـلـَّـهَ يـا وَطـَنَ الإنسـان ِ ، يا وَطـَني * يا كـُلَّ حُلـْم ِحـَمورابي الـذي اغـتيـلا
والحـاكـمون ..أقـالَ الـلـَّه ُعـَثـْـرَتـَهـُم * يـَسعَونَ في الأرض ِتـَزميرا ًوتـَطبيلا
بـِأنَّ حـُرِّيــَّة َ الإنسـان ِ فـي وَطـَني * هاجَتْ ، فـَتـَحتاجُ تـَرويضا ًوتأهـيـلا
لـِـذا .. نـُعـاقـِـبـُهـُم حُـبـَّا ً، وَمـَغـفـِرَة ً * وَقـَـد نـُعــاتـِبـُهـُم قــَتــْلا ًوَتــَرحـيــلا !
لـكـنـَّنـا ، وَحَـيـاة ِالـنـِّـيــل ِيـا وَطـَني * وَحـَقِّ دَجـلـَـة َ مَـهْـمـا مـاؤهـا غِـيـلا
نـَبقى الـكِـبارَ العـراقـيـِّيـن ..أنـْفـُسـُنـا * تـُـقـيـمُ لـِلـمَوتِ مِـن زَهْـو ٍعـَرازيـلا !
7
نـَراه ُ يـَد نـُو فـَنـَد نـُو.. ثـُمَّ نـَســبـِقـُه ُ * فـَنـَلـتـَقـي ..فـَيـَضجُّ الـمـَوتُ مَذحُـولا
حَـتـَّى إذ ا نـالـَنـا ، غاصَتْ أظافـِرُنـا * في لـَحْـمـِهِ ..وَيـَظـَلُّ الموتُ مَـشـلـولا !
فـَلـْيـَسـأ ل ِالآنَ أمـريـكـا أخـُو ثـِقـَة ٍ * عَـن جـِلدِهـا جَـفَّ أم ما زالَ مَبـزولا ؟!
يا أ ُختَ سومَرَ بَلْ يا أ ُختَ بابلَ.. بَلْ * يـا أ ُخـْتَ بـغـدادَ تـَعْـظيمـا ًوَتـَبْجـيـلا
لا أدَّعـي أنـَّـنـي أحـتــاجُ تـَذكـِـرَة ً * فـَمـِنـكـُمـا فـُصِّـلَ الـتـَّاريـخُ تـَفـصيـلا
وَفـيـكـُما ، فـيـكـُمـا أعـلى مـَدار ِجـِه ِ * شـِـيدَتْ ، وأعـظـَمُ مـأثـوراتـِهِ قـيــلا
مَعا ًسَمَتْ بـِكـُما الـدُّنيا، مَعا ً كـَفـَرَتْ * كـُفـَّـارُهـا بـِكـُمـا حـِـقـْدا ً وَتـَضـلـيـلا
لـكـنـَّه ُ زَمـَنُ الـطـُّوفـان ِ يا وَطـَني * والـلـِّعْـبِ بالدَّم ِ تـَحْـريـما ً وَتـَحـلـيلا
8
والغـيرَة ِ الحِقـدِ والأطماعُ تـَسْجُرُها * تـَـقـودُهـا أ ُمـَّة ٌ قـد أصبـَحَـتْ غــُولا
الـيـَومَ تـَسـبـِقُ أمـريـكـا جَحافـِلـَهـا * وأمْس ِأبـْرَهـَة ُاسـتـَعدى بـِهـا الـفِـيـلا
يا مِصرُ لو باهـَلـَتـْكِ الأرضُ أجمَعُها * فـَلـْتـَقـتـَرِحُ هـَرَما ً،أو تـَجْـتـَرِحْ نـيـلا !
عـلـَيكِ مصرُ سـلامُ اللهِ ما طـَلـَعَـتْ * شمسٌ ، وأسْرَجَ فـيكِ الـضَّوءُ قـِنـديـلا
وَما سَرى الـلـَّيـلُ في واديكِ مِكـْحَـلـَة ً * آيــاتــُهـا كـَحـَّـلـَـتْ عـيـنـَيـكِ تـَكحـيـلا .. |
No comments:
Post a Comment