USATODAY.com News

Thursday, August 25, 2011

سليمان خاطر

عمر طاهر

فى أكتوبر 98، قررت (مع نفسى) أن أزور قبر سليمان خاطر لأقرأ له الفاتحة.
زيارة تحولت لتحقيق صحفى كان له فضل كبير فى دعم خطواتى الأولى فى عالم الصحافة.
كان خاطر علامة استفهام كبيرة فى طفولتى عندما كانت تروى حكايته كجندى مصرى على الحدود قتل وأصاب سبعة إسرائيليين، وتم تحويله للمحاكمة، واستيقظت مصر كلها فى يوم على خبر انتحاره فى زنزانته.
اتجهت إلى الزقازيق، وهناك لم أجد صعوبة فى الوصول إلى منزله، فالجميع يعرفونه، من الزقازيق وحتى قريته التى تبعد عنها أكثر من 40 كيلومترا.
(2)
أمام بيته يوجد مصنع بلاط وضع فوقه لافتة كبيرة كتب عليها «مصنع بلاط الشهيد سليمان خاطر».. تذكرت هذه الجملة بعد سنوات وأنا أمشى فى شوارع العاصمة الإيرانية طهران، لأجد نفسى فجأة أقف أمام لافتة كبيرة مكتوب عليها «خيابان شهيد سليمان خاطر».. خيابان بالفارسية تعنى «شارع». كنت أقف تماما فى منتصف واحد من أجمل شوارع طهران يحمل اسم خاطر، وددت وقتها أن أصافح كل من يعبرونه لأقول لهم «أنا بلديات هذا الرجل».
دخلت أسأل عن أهله، فقابلنى صديق عمره وزوج شقيقته اسمه أحمد العوضى، قال لى بعد أن قدم لى الشاى «العائلة لا تتحدث إلى الصحافة منذ توفى سليمان»، قلت له: وأنا أقسم لك إنى قادم لزيارته وقراءة الفاتحة على روحه.. انس أنى صحفى، لفنا الصمت لثوانٍ قبل أن يدخل علينا الحاج عبد المنعم خاطر شقيق سليمان الأكبر، قلت له الكلام نفسه فقال «بس أنا عايز أتكلم».
(3)
كان سليمان فلاحا بسيطا فى غاية التواضع محبا لأشقائه وأهل بلدته وكان شقيقه الأكبر يعمل فى الكويت، وبعد أن تحسنت ظروف الأسرة قليلا قرر سليمان أن يسافر ليعمل معه هناك، كان سليمان لا يزال طالبا فى كلية الحقوق، فقرر أن يضرب عصفورين بحجر، وأن يتقدم للجيش لتأدية الخدمة العسكرية حتى يتمكن من السفر.. قرر أن يتقدم لها بصفته حاصلا على الثانوية العامة، على أن يقوم بالمذاكرة والحصول على المؤهل الجامعى فى أثناء وجوده بالخدمة، وبذلك يختصر وقتا طويلا فى سبيل السفر.
فى البداية تم تجنيده فى مخابرات الاستطلاع، ثم تم نقله إلى قوات الأمن المركزى فى سيناء.
كان سليمان -والكلام لصديق عمره- يتعامل مع الجيش بقدسية شديدة، كان يدهشنى، وأنا ضابط سابق بالجيش، بالطريقة التى يعتنى بها بسلاحه، كان يحفظ رقم سلاحه مثل اسمه وكانت لديه القدرة على فكه وتنظيمه وإعادة تركيبه عدة مرات فى وقت قياسى.
(4)
علاقة سليمان بالجيش بدأت قبل تجنيده بكثير..
بيت سليمان يبتعد كيلومترات قليلة عن مدرسة بحر البقر.
يوم قصف الطيران الإسرائيلى لهذه المدرسة ذهب هو وصديقه وكانا طفلين إلى موقع القصف وساعدا فى انتشال جثث الأطفال -الذين كانوا فى مثل عمرهما- من تحت الأنقاض.
المسافة ما بين بيت سليمان وبحر البقر تحولت فى ما بعد إلى معسكرات تابعة للجيش، وكانت متعة سليمان الأولى فى طفولته أن يقف يوميا على الجسر ليتابع الجنود فى طريقهم من الإسماعيلية إلى المعسكرات أو العكس.
كانت أمه تخبز وتجهز القشدة والجبنة وتقف على الجسر وسليمان إلى جوارها يستوقفان الجنود فى ذهابهم أو إيابهم ليوزعا عليهم الطعام.. كان يسألهم بالاسم عن أقاربه الكبار الموجودين على الجبهة فكانوا يبتسمون له دائما قائلين «جايين ورانا».
(5)
مهارة سليمان والتزامه كانا كافيين ليصبح حكمدار نقطة الحراسة على الحدود..
إلى أن جاءت الليلة التى انشغل فيها بقية أفراد الخدمة فى إحضار التعيين (طعام العشاء)…
ونما إلى أسماعهم من بعيد صوت يشق سكون الصحراء..
كان صوت شخص ما يشد أجزاء سلاحه الآلى.
1)
فى أواخر أيام سليمان خاطر كان دائم الشكوى من وضع الإسرائيليين فى سيناء وتصرفاتهم المهينة والمستفزة التى تتكرر يوميا، وقص على أهله ذات يوم أن الإسرائيليات عبرن ذات مرة السلك الشائك، فأقام خاطر ورفاقه مانعا آخر.. لكنهن عبرنه أيضا ودأبن على استفزازه بنزول المياه وهن عرايا تماما.
يقول صديق سليمان «عندما استمعت إلى الحادثة من إحدى الإذاعات الأجنبية كنت متأكدا أن سليمان خاطر هو الذى فعلها على الرغم من أنهم لم يعلنوا اسم الجانى، هو على الأقل لم يخطط لأن يفعل هذا، فعندما قابلته فى السجن لأول مرة بعدها سألته لماذا فعل هذا فقال «اللى حصل كان خارج إرادتى.. هما اللى استفزونى».
(2)
فى تمام الساعة السادسة مساء يخيم الظلام على نقطة المراقبة المسؤول عنها سليمان خاطر، بعد هذا الوقت إذا عبر أى شخص هذه المنطقة لا بد أن يقول «كلمة سر الليل»، وهو أمر لا يقبل الاستهتار.. فإذا مر ضابط مصرى لا يعرف كلمة سر الليل بهذه المنطقة يتم شهر السلاح فى وجهه، ويتم ترقيده على الأرض، وعليه أن يخاطب العسكرى المشرف على الخدمة كأنه يخاطب مصر نفسها.
كان خاطر حكمدار هذه النقطة، وقبل الواقعة الشهيرة اجتازت فتاة إسرائيلية -برواية سليمان لصديقه- الحدود وتعرفت إلى أمين شرطة فى نفس نقطة عمل سليمان، وفى مرة زارت الأمين فى موقعه وخدرته وحصلت منه على رقم الشفرة السرى وسرقت جهاز اللاسلكى الخاص به، وتمت محاكمة الأمين.
ليلة 5 أكتوبر 85 اخترق بعض الإسرائيليين المنطقة الحدودية باتجاه النقطة التى يشرف عليها سليمان، حاول أن يمنعهم من التقدم مستخدما اللغة الإنجليزية، ويقول صديق سليمان: ربما لم يفهموا ما قاله.
(كان بين هؤلاء الإسرائيليين رئيس المحكمة العسكرية الإسرائيلية وضابط برتبة رائد، أى أنهم على مستوى ثقافى يؤهلهم للإلمام ببعض الكلمات الإنجليزية البسيطة على الأقل مثل Stop أو no passing).
كان سليمان بمفرده بينما بقية فريق المراقبة يقوم بإحضار طعام العشاء، شد سليمان أجزاء سلاحه، وهى حركة تعنى فى اللغة العسكرية أنه سيقوم بالضرب فى المليان.
لم يكن الموقف يسمح بإبلاغ الرتب الأعلى، خصوصا بعد أن تمادى الإسرائيليون -حسب رواية سليمان- فى استفزازه بأن بصقوا عليه وبصقوا على علم مصر وسبوا كليهما، حاول سليمان أن يرهبهم بتصويب السلاح ناحيتهم، فما كان من الضابط الإسرائيلى الموجود ضمن المجموعة إلا أن أخرج طبنجته وأطلق النار باتجاه سليمان فخرج الأمر من يد سليمان وبدأ يحصدهم بسلاحه فأسقط سبعة إسرائيليين بين قتيل ومصاب.
فى هذه الأثناء لمح سليمان فى الظلام طفلة تجرى مذعورة فجرى ناحيتها وسلمها لأحد زملائه طالبا منه العبور بها لتسليمها لنقطة الحدود الإسرائيلية.
التف حوله زملاؤه وكانوا خائفين، وطلبوا منه أن يسلمهم سلاحه، لكنه رفض وطلب منهم استدعاء القائد العسكرى للمنطقة، وصل إليه القائد (كان اسمه الرائد أحمد الشيخ) فسلم سليمان نفسه وسلاحه له.. بعدها تم نقله لسجن الفنارة الحربى تمهيدا لمحاكمته.
(3)
فى أول زيارة له فى السجن قال لشقيقه «تخيل أنا النهارده فى السجن مع المتهربين من أداء الخدمة العسكرية؟ أنا اللى دافع عن تراب البلد موجود مع العيال الهربانة من الجيش!».
كانت المحاكمة سريعة..
حضر مع سليمان عشرات المحامين يدافعون عنه بقيادة نقيب المحامين الأسبق أحمد الخواجة.
بعد إعلان الحكم وقف سليمان يهتف بحرارة «تحيا مصر.. تحيا مصر»، وكان هتافه مختلطا بحالة من البكاء الشديد.
كان الحكم عليه بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة.

(1)
كان التليفزيون المصرى يبث مباراة كرة قدم بين الأهلى والمنصورة، ثم انقطع الإرسال فجأة.
(2)
بعد صدور الحكم اقترب رئيس هيئة المحكمة -والرواية لأحمد العوضى زوج شقيقة خاطر- من سليمان. قائلا له: «انت ابننا يا سليمان وهتفضل فى قلوب المصريين.. لكن القانون قانون».
دفاع سليمان عن نفسه فى أثناء المحاكمة يمكن تلخيصه فى جملة واحدة قالها لهيئة المحكمة العسكرية «أنا دافعت عن الأفرول اللى أنا وأنتو لابسينه».
قبل المحاكمة عرض الجنود وبعض الضباط القائمين على حراسة سليمان أن يساعدوه فى الهرب، على أن يعاونه أهله بعد ذلك فى إنجاح مهمة اختفائه، لكنه رفض وقال لهم حتى لو اتحكم علىّ بالإعدام مش هاهرب.
وفى أول زيارة بعد صدور الحكم تقابل أهل سليمان مع الكاتب مكرم محمد أحمد الذى كان يجرى معه حوارا صحفيا. وفى أثناء الحوار أبدى سليمان امتعاضه من إحدى الصحف القومية التى خرجت بمانشيت عن سليمان يقول «سليمان خاطر بطل رغم أنفه»، لكن مكرم وعد بأن يدافع عن خاطر وأن يعيد إليه حقه الأدبى الذى يفكر كثيرون فى سرقته منه بعد أن أصبحت القضية سياسية تتعرض لضغوط مختلفة، وهو الوعد الذى أوفى به فى ما بعد نقيب الصحفيين السابق على صفحات مجلة «المصور»، على حد شهادة أهل سليمان.
كيف كانت حالة سليمان عندما زرتموه؟
سألت فأجابنى شقيقه وزوج شقيقته قائلين:
كانت معنويات سليمان مرتفعة لأنه استطاع أن يرسل التماسا لرئيس الجمهورية لتخفيف العقوبة (التى لم تكن قد أصبحت نهائية وقتها) وكان مقتنعا بأنه سيستمر فى السجن عامين أو ثلاثة على الأكثر.
فى هذه الزيارة طلب سليمان من أهله أفارول صوف أزرق وفانلة صوف وفرشاة ومعجون أسنان وماكينة حلاقة وكتبه الدراسية (كتب السنة الثالثة بكلية الحقوق).. طلب كل ما له علاقة بالحياة.
ويحكى شقيقه الحاج عبد المنعم قائلا: «كانت هناك قطعة أرض باسم سليمان، وبعد الحكم طبعا احتجنا لتوكيل منه لإدارة هذه الأرض حتى لا يتوقف نشاطها، فطلب منى سليمان أن أحضر مندوبا من الشهر العقارى فى اليوم التالى إلى السجن لإنهاء إجراءات التوكيل.
بالفعل ذهبت إلى الشهر العقارى واصطحبت مندوبا وتوجهنا إلى السجن، لكنهم هناك منعونى من الدخول، فقلت لهم إنى أحمل تصريحا فاعترضوا قائلين: (المشير أبو غزالة فى زيارة للسجن وممنوع الدخول)وطلبوا منى أن أحضر فى اليوم التالى».
فى هذا اليوم عاد الحاج عبد المنعم إلى البيت وفى أثناء إذاعة التليفزيون مباراة الأهلى والمنصورة انقطع الإرسال فجأة وظهر المذيع ليلقى خبرا يقول: «انتحار الجندى سليمان خاطر فى السجن اليوم».
(3)
بعد أن استقر سليمان خاطر فى السجن أرسل إلى شقيقه خطابا يطلب منه أن لا ينزعج من طلب سليمان بتقليل زيارات العائلة له ويشرح له السبب، قرأته بنفسى وحصلت على صورة منه..
يقول سليمان فى هذا الخطاب:
«أخى الحبيب عبد المنعم حفظكم الله.. أعرف أننى بخير ولا ينقصنى سوى رؤياكم الكريمة، وبلغ سلامى وألف تحية للأخت أم محمد والأخت إنصاف وزوجها والأولاد.
مش تزعل يا أبو عاصم أنا مش عايز الضرر ليك لأنى أنا عارف الظروف هنا.. كل واحد بيأتى اسمه بيروح إلى قائد الجيش، مش تزعل وإذا يعنى فيه زيارة مش عايز غير الأولاد وأى حد من بيت عمك الشبراوى ومن بيت عمتك وأمك وبس، وإوعى تشغل نفسك من جهتى والله أنا لسه داخل من الخارج وكنت قاعد باضرب فى الأولاد، والأولاد دلوقتى واضعين ليا راضوين (راديو) وفيها أم كلثوم بتقول واحشنى وأنت قصاد عينى.. شايف النغم، يعنى لو مافيش زيارة مش تشغل نفسك.. أنا بخير والحمد لله».
(4)
فى أثناء اطلاعى على الخطاب فوجئت بالحاج عبد المنعم خاطر يقول بصوت عال: «يا أمى تعالى سلمى».
دخلت علينا والدة سليمان خاطر.. كتلة متحركة من الحزن والوجع، صافحتنا فى ود بالغ وخجل ثم انتبذت مكانا بعيدا فى مجلسنا وفجأة هبت واقفة، كمن تذكر شيئا مهما، ثم نادت بصوت واهن «يا سليمان يا خاطر»… فانفتح باب المضيفة.


فى أثناء جلوسنا وقفت أم سليمان كمن تذكر شيئا مهما ونادت بصوت واهن «يا سليمان يا خاطر»، فانفتح باب المضيفة ودخل علينا طفل (كان وقتها فى العاشرة من عمره) فصافحنا وقدمه لنا الحاج عبد المنعم خاطر قائلا «سليمان ابنى.. اتولد قبل وفاة سليمان بشوية، ورغم إن سليمان عمه طلب مننا إننا نسميه إسلام، سميناه سليمان، ولما عرف قال لى: إنت خايف أموت فسميته سليمان ولا ايه؟».
قالت الأم «سليمان كان كويس يا أستاذ»، ثم صمتت كأنها تكلم نفسها قائلة «أمال ماكانش كويس؟».
ثم واصلت حديثها «كان أصغر اخواته وأحسنهم، يا ريته كان شقى، ده كان أهداهم، أنا فاكرة يوم الزيارة الظباط أصحابه فى السجن كانوا بيحضنوا فيا ويقولوا لى (فتحناله الباب وقلنا له اهرب وهو مارضيش، وقال لهم: هيقولوا سليمان هرب)، يومها حضننى وباسنى وكان بيضحك ووشه منور وقد كده، وقال لى (أنا حلو وكويس يا امه، وهاجيلك قريب)، وهو صغير راح على بحر البقر يوم ما اتضربت ورجع يبكى، بس كان طيب وماكانش بيشيل حاجة لحد، واللى ف جيبه لغيره، ويوم ما رحت له السجن أخد منى الأكل ووزعه على زمايله، وقلت له: ماتزعلش يا سليمان، إنت طيب وراجل كبير، واللى حصل ده بتاع ربنا».
(2)
يوم عرف أقارب سليمان بوفاته توجهوا إلى السجن، وصلوا فى السادسة مساء، سأل جندى الحراسة عن هوية القادمين فقالوا له «إحنا قرايب سليمان خاطر»، فما كان منه إلا أنه أغلق الباب فى وجههم، وأطفَؤوا الأنوار الخارجية للسجن وخرجت لنا خيول السجن عند الباب لتبعدنا، وبعد ساعة خرج أحد الجنود قائلا «لو سمحتو امشوا من هنا فورا.. سليمان فى مشرحة زينهم».
قال لى يومها الحاج عبد المنعم شقيق سليمان «وجدنا جثة سليمان مليئة بأشياء غريبة لا تدل على أنه مات منتحرا.. وجدنا أظافره محطمة تماما وزرقاء، وكدمات وسحجات فى ظهره من الخلف، وكانت ساقاه مثنيتين إلى أعلى وجثته منحنية وكان ملفوفا حول نفسه، ولم يكن هذا وضع شخص منتحر بشنق نفسه فى مكان عال.. فمن المفترض فى هذه الحالة أن تكون جثته مدلاة إلى أسفل».
تم دفن سليمان.
ولكن أمام هياج الرأى العام وقتها والإصرار على أن سليمان مات مقتولا لا منتحرا أصدرت محكمة الأمور المستعجلة حكما باستخراج جثة سليمان وإعادة معاينتها لمعرفة أسباب الوفاة، وكانت نتيجة تقرير الفحص أن سليمان مات بإسفكسيا الشنق.
(3)
الملابسات كلها لا تترك للواحد مساحة ليصدق أن سليمان خاطر مات منتحرا، لا نشأته الريفية ولا التزامه الدينى يسمحان بذلك، ولا مساحة للحديث عن تأنيب ضمير شديد أدى إلى اكتئاب جعله يقدم على الانتحار، فتأنيب الضمير مردود عليه بإيمان سليمان الشديد بأنه أدى واجبه، أما الاكتئاب فلا يوجد شىء واحد يدل عليه، فهذا رجل طلب قبل وفاته بأيام كل ما له علاقة بحب الحياة من ملابس وأدوات نظافة وكتبه الجامعية، وكان سعيدا بأنه استطاع أن يرسل التماسا إلى رئيس الجمهورية لتخفيف العقوبة، وكان بشهادة زملائه فى السجن مرحا يناكفهم ويناكفونه ثم يسهرون يستمعون إلى أم كلثوم فى الراديو، وعرضوا عليه أن يهرب لكنه رفض، وفى أثناء محاكمته شاهد بنفسه كيف كان جمهور المحاكمة يهتفون باسمه ويرونه بطلا يفخرون به، ثم إن شخصا اعتاد أن يرسل إلى أهله خطابات من السجن لماذا لم يكلف نفسه عناء كتابة رسالة بها وصيته أو بها أسباب إقدامه على الانتحار؟
أما التفاصيل الواردة فى تقارير الطب الشرعى فقد تناولها كتاب وصحفيون كثيرون وقتها بالنقد واستخراج مناطق التضاد غير المنطقى فيها، لكن القضية كان لا بد لها أن تنتهى ولو بالقوة.
كان أحمد رشدى هو وزير الداخلية وقت وقعت الحادثة، ويذكر أهالى سليمان خاطر أنه لم يمسسهم بسوء، بعدها مباشرة وفى أثناء إثارة موضوع قُتل أم انتحر كان اللواء زكى بدر قد وصل إلى المنصب ففرض حصارا حول القرية وحول منزل عائلة سليمان خاطر (والكلام لزوج شقيقته) ولم نغادر المنزل طوال فترة الحصار بأوامر الأمن وكان كل شىء ممنوعا الدخول أو الخروج أو حتى استخدام التليفونات.
يقول أهل سليمان إن الموضوع بالنسبة إليهم انتهى بوفاة سليمان ولم تعد كل هذه الأحداث تشغلهم، فلا شىء كان سيعيد سليمان إليهم.
(4)
قبل خروجى من بيت سليمان خاطر استوقفتنى والدته قائلة «ولا عمرى صدقت إنه مات غير لما جه أبو عاصم أخوه وحضننى وقال لى (سليمان مات يا امه).. قلت له: لا يمكن يا ابو عاصم.. ابنى حلو وصغير مايموتش دلوقتى».
من قال إن سليمان مات؟

Tuesday, August 16, 2011

التويتة القاتلة

تويتة تترجم بلغة الحواسيب إلى «تغريدة». تويتة نسبة إلى موقع «تويتر»، وهو موقع اجتماعى، يعتمد على اختصار الفكرة فى 140 كلمة، ويمكنك متابعة «تويتات» الآخرين. المهم يا سيدى بلا هذا الملل، إليك الخبر السعيد: مثلت الناشطة أسماء محفوظ أمام النيابة العسكرية، بتهمة كتابة «تويتة»، وصدر قرار بالإفراج عنها بكفالة 20 ألف جنيه! عشرون ألف جنيه مصرى للإفراج عن مواطنة كتبت خاطرة على موقع من مواقع التفاعل الاجتماعى، ومتى حدث ذلك؟ بعد الثورة التى شاركت فيها أسماء محفوظ منذ اليوم الأول، وكانت تشارك فى كل الوقفات الاحتجاجية السابقة على يوم 25 يناير.
التهمة التى يتم التحقيق فيها مع أسماء هى «التحريض»! طب اركنوا كده، وبما أن جميعنا ينتظر مصير أسماء، فآخد حقى بقى: أى تحريض الذى تتهم به أسماء، واللواء الروينى اعترف بنفسه بأنه المحرض الأول على قتل محمد محسن، وأنه مروج الإشاعات، بل أقر: «أنا اللى باقول الإشاعات اللى بتهدى التحرير وأنا اللى باهيجه». الدم يغرق كفى الروينى وما علمت عن أسماء إلا خيرا، فيتهم الروينى حركة 6 أبريل بالعمالة وينسى إنفاق المعونة الأمريكية حتى على البيادة التى يرتديها، وتقدم أسماء للمحاكمة ويفلت هو بدم محمد محسن على يديه. إنتو نسيتو نفسكم ولا إيه؟
نعم نعم.. أخاطب المجلس العسكرى.. نسيتو نفسكم ولا إييييييههههه؟ وهل كنتم ستصلون لـ«الأملة» التى ترتعون فيها الآن إلا بجهد أسماء ومن هم مثل أسماء؟ حين كان جنرالات القوات المسلحة يقولون للمخلوع وابن المخلوع وزوجة المخلوع: تمام يافندم.. كانت أسماء تقف مع بضعة شباب يحملون لافتات تندد بفساد النظام، ويواجهون جحافل الأمن المركزى، ولولا إصرار الشباب لما فتح الله عليكم، وصرتم أسياد البلاد الآن، تنعمون وتحرمون، تأمرون وتنهون، وقد باضت لكم فى القفص.
حين كان جنرالات القوات المسلحة يجلسون فى التكييف، كانت أسماء ومن هم مثل أسماء يواجهون الخرطوش، والرصاص الحى، والقنابل المسيلة للدموع، وقد هتفت أسماء، ومن هم مثل أسماء، فى تلك اللحظة: «واحد اتنين الجيش المصرى فين؟ الشرطة بتضرب فينا.. عايزين الجيش يحمينا».
ياريت كان اتقطع لسانها ساعتها.
يا للندم.. يا للندم. والله، بعقد الهاء، أننى كنت لحظتها على كوبرى 15 مايو وقلت لهم: بلاش الهتاف ده.. ده جيش مبارك. فهب الجميع مدافعين: «ماتقوليش كده، ده الجيش بتاعنا. فصدقت»، وانفعلت بشدة مع دموع ضباط الجيش الذين أشفقوا عليّا وأنا أسير فى الطريق وقد أغرق دم الشهداء والمصابين ملابسى، صدقناكم جميعا… ياريت كانت الأرض انشقت وبلعتنا ساعتها.
أسماء، ومن هم مثل أسماء. هتفوا: «الجيش والشعب إيد واحدة». أسماء ومن هم مثل أسماء وقفوا يتصدون للبلطجية يوم معركة «الجمل»، بينما الجيش المصرى يفتح الطريق للمعتدين، واحنا عملنا عبط.. بمزاجنا، إلهى كنا انشكينا فى مزاجنا. أسماء ومن هم مثل أسماء صدقوا تعهدات المجلس العسكرى بحماية الثورة وتنفيذ مطالبها، وعادوا لمنازلهم، وناموا، ونمنا جميعا، ثقة فى المجلس العسكرى.. نامت علينا حيطة.. نامت علينا حيطة. أسماء ومن هم مثل أسماء عادوا إلى الشارع مرة أخرى حين شعروا بأن قرطاسا ما يتم قلوظته لوضعهم فيه. أسماء ومن هم مثل أسماء شاركوا فى ثورة سلمية عظيمة.. ياريتها ما كانت سلمية ولا كنا شفنا وش سلمية دى إلهى يقطعها.
أسماء تحاكم بالتحريض لأنها قالت فى تغريدة على موقع «تويتر»: «لو القضاء ماجابش حقنا ماحدش يزعل لو طلعت جماعات مسلحة وعملت سلسلة اغتيالات طالما مافيش قضاء ومافيش قانون».
نعم؟ خير؟ الفتاة تحذر مما حذر ويحذر منه الجميع: إذا لم يتم القصاص العادل فستتحول إلى غابة وسيلجأ الناس إلى القصاص بأنفسهم. فلماذا تحاكم أسماء؟ ولماذا لم يحاكم الروينى حين طلب من «المواطنين الشرفاء» التصدى للمتظاهرين بالمولوتوف والقنابل المسيلة للدموع حتى مات محمد محسن؟ ولماذا لم يحاكم المجلس العسكرى حين أخاف الناس بعد بداية الثورة وادعى -كذبا- أننا مقبلون على مجاعة؟ ولماذا لم يحاكم المسؤول عن صفحة القوات المسلحة على «فيسبوك» -ههههه هم يضحك وهم يبكى- حين شكر المواطنين الشرفاء قتلة محمد محسن فى بيان عسكرى؟ ولماذا لا يحاكم الإعلام المسموم القذر الذى حرض ويحرض على الثورة والثوار ولطخت ألسنتهم النجسة بدماء الشهداء؟ ولماذا لا يحاكم عمر سليمان الذى هددنا باستخدام العنف وبانقلاب عسكرى.. وبمناسبة عمر سليمان، أين ذهبت كل البلاغات التى تم تقديمها فى عمر سليمان متهمة إياه -بالأدلة والوثائق- بالخيانة العظمى؟
يعنى إيه كوك زيرو: يعنى عمر سليمان يبقى عليه قضايا خيانة عظمى، وأسماء محفوظ هى اللى تتحاكم.

Wednesday, August 10, 2011

"كانوتيه" يدعو مسلمي إسبانيا للمواظبة على صلاة الفجر

"
"كانوتيه" يدعو مسلمي إسبانيا للمواظبة على صلاة الفجر
في خطوة تؤكد تعلق اللاعب المالي "فريدريك كانوتيه" مهاجم فريق إشبيلية الإسباني بالدين الإسلامي قام اللاعب مؤخراً بتبني حملة تدعو مسلمي إسبانيا للمواظبة على صلاة الفجر تحت شعار "صلاة الفجر مقياس حبك لله عز وجل".
وتحدث "كانوتيه" الذي يفضل أن يطلق عليه اسم "عمر" إعجاباً بشخصية أمير المؤمنين "عمر بن الخطاب" عن الحملة التي لاقت صدى كبيرا في أوساط الجالية المسلمة في إسبانيا قائلاً: "إن الإنسان منا إذا أحب آخر حباً صادقاً أحب لقاءه، بل أخذ يفكر فيه كل وقته وكلما حانت لحظة اللقاء لم يستطع النوم حتى يلاقي حبيبه، فهل حقا أولئك الذين يتكاسلون عن صلاة الفجر يحبون الله؟ هل حقا يعظمونه ويريدون لقاءه؟".
وأضاف: "دعونا نتخيل رجلاً من أصحاب المليارات قدم عرضاً لموظف بشركته ينص على أن يذهب هذا الموظف يومياً في الساعة الخامسة والنصف صباحاً لبيت هذا الرجل ليوقظه ويغادر، ومقابل هذا العمل سيدفع له الرجل ألف دولار يومياً، وسيظل العرض سارياً طالما واظب الموظف على إيقاظ الثري، ويتم إلغاء العرض نهائياً ومطالبة الموظف بكل الأموال التي أخذها إذا أهمل إيقاظ الرجل يوما بدون عذر".
الجدير بالذكر أن "كانوتيه" قد تبنى من قبل العديد من المشاريع الخيرية في مالي، خاصة تلك التي تهتم برعاية الأطفال، كما تبرع بأكثر من نصف مليون دولار لمنع هدم مسجد في مدينة إشبيلية الإسبانية، ورفض أن يرتدي قميصاً لإشبيلية عليه إعلان قمار، وأظهر من قبل قميصاً كان يرتديه مكتوب عليه عبارات لدعم فلسطين تضامنا مع الشعب الفلسطيني.

Monday, August 8, 2011

قناة التحرير برنامج ليطمئن قلبي مع احمد ابو هيبه حلقة 8 رمضان

كيف ننقذ الثورة ...؟!



. ....


علاء الأسواني

في يوم 11 فبراير بعد الظهر كنت أمشى في شارع القصر العيني متوجها الى ميدان التحرير واجتمع حولي بعض المتظاهرين ليسألوني عن توقعاتى وبينما كنت أتحدث معهم استمعت فجاة الى صراخ حاد .

أحسست بقلق لأننى كنت قد استمعت الى صراخ مماثل عندما بدأ الشهداء يتساقطون برصاص القناصة في الايام الأولى للثورة على أن الصراخ هذه المرة كان له وقع مختلف .

اندفعت سيدة محجبة خارجة من محل عصير وصاحت :
ــ مبارك تنحى .

لا أذكر بالتفصيل ما حدث بعد ذلك فقد اندفعت مع ملايين الناس نحتفل بانتصار الثورة .. حالة من الفرح والزهو لم تشهدها مصر منذ نصر اكتوبر ، انفعال صادق عميق دفع رجالا كبارا الى البكاء كالأطفال . ظللت أحتفل مع المتظاهرين في ميدان التحرير حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي .

بدأ المتظاهرون ينصرفون وهنا ارتفعت أصوات قليلة تقول اننا لايجب أن ننصرف من الميدان حتى تتحقق مطالب الثورة كاملة . . لم تلق هذه الدعوة قبولا . معظم الناس كانوا يرون ان الثورة قد انتصرت و أرغمت مبارك على التنحى ويجب عليها بعد ذلك اعطاء المجلس العسكري فرصته حتى يحقق مطالب الثورة . ،

كنا جميعا نحس بامتنان نحو المجلس العسكري الذى انحاز للثورة ضد الطاغية ورفض اطلاق النار على المتظاهرين . .

أعتقد الآن أن أكبر خطأ ارتكبته الثورة المصرية حدث عندما انصرف المتظاهرون من ميادين مصر فور تنحى مبارك عن الحكم . كان الواجب ان تشكل الثورة هيئة تمثلها يجتمع أفرادها مع المجلس العسكري ليشرفوا على تنفيذ مطالب الثورة .

فقد اثبتت الايام بعد ذلك عدة حقائق :

أولا :
ان تنحى مبارك لا يعنى اسقاط النظام ، يكفي أن نتأمل تمسك الحكومة المصرية بجهاز أمن الدولة ( بعد تغيير اسمه الى الأمن الوطني )ومناورات وزير الداخلية منصور العيسوى المستميتة من أجل حماية ضباط الشرطة والقناصة الذين قتلوا المتظاهرين بل يكفى أن نتأمل حركة المحافظين الذين ينتمى معظمهم الى النظام القديم لندرك ان مبارك وحده الذى سقط بينما نظامه لازال يحكم مصر


ثانيا :
يقتضينا الانصاف أن نعترف بفضل المجلس العسكري في حماية الثورة لكن الحقيقة تقتضينا أيضا أن نذكر أن المجلس العسكري لم يتفق قط مع الثورة في رؤيتها ولم ينفذ أى مطلب للثورة الا تحت ضغط شعبي شديد .ربما يكون السبب في ذلك ثقافة أعضاء المجلس العسكري القائمة على الطاعة واحترام الأوامر . لقد كانت ارادة المجلس العسكري دائما مختلفة عن ارادة الثورة ..

بينما أسقطت الثورة حسني مبارك كمقدمة لازالة النظام القديم بالكامل ويناء نظام ثوري جديد فان المجلس العسكري فيما يبدو قد وافق على اسقاط مبارك حتى يستطيع أن يحافظ على النظام القديم .هذه الفجوة بين ماتريده الثورة وما يستطيع المجلس تنفيذه هي السبب في كل المشكلات التى نعاني منها الآن .

ولو أن المجلس العسكري نفذ طلبات الثورة منذ البداية لكانت مصر قد بدأت طريقها في التحول الديمقراطي . يجب أن نؤكد هنا ان توجيه النقد لسياسات المجلس العسكري لا يقلل ابدا من تقديرنا للقوات المسلحة لكن المجلس العسكري يقوم بمهام رئيس الجمهورية وبالتالي من حقنا بل من واجبنا ان ننتقد سياساته

ثالثا :
بعد أن تنحى مبارك تقدم متخصصون ومثقفون وطنيون للمجلس العسكري بدراسات مفصلة للتخلص من النظام القديم وتمهيد الارض لنظام ديمقراطي حقيقي لكن المجلس العسكري لم يستجب وتأخر كثيرا في اجراءات كانت ضرورية لحماية الثورة مما أعطى فرصة ذهبية للمنتمين للنظام القديم حتى يتآمروا على الثورة . ولاشك ان المؤامرات على الثورة المصرية تدعمها بلاد عربية وأجنبية لا تريد ، لأسباب مختلفة ، أن تكمل مصر التغيير الديمقراطي لتبني دولة عملاقة ستقود بلاشك المنطقة العربية كلها . خلال ستة أشهر توالت المؤامرات على الثورة وكأنها تعاقب المصريين على قيامهم بالثورة من أجل الحرية والكرامة ..

فقد نجح ضباط الشرطة الموالون لمبارك في نشر حالة من الترويع للمواطنين عن طريق تقاعسهم عن حماية الأرواح والممتلكات أمام هجمات البلطجية الذين غالبا ما تربطهم علاقات مؤكدة مع فلول النظام القديم . في نفس الوقت فان الاعلام الحكومى الذى ينتمى في معظمه الى النظام القديم دأب على تصوير الأمر وكأن الثورة هي المسئولة عن الأزمة الاقتصادية التى تمر بها البلاد . وفي هذا مجافاة كاملة للحقيقة فالثورة المصرية لم تحكم حتى نحملها مسئولية تدهور الأوضاع .. لكن الثورة سلمت السلطة الى المجلس العسكري الذى يعتبر المسئول الأول عن كل ماحدث في مصر بعد تنحى مبارك .

رابعا :
استمرت التظاهرات والاعتصامات من اجل تحقيق مطالب الثورة وكان المجلس العسكري بعد الضغط الشديد يستجيب لبعض المطالب. كانت الاستجابة الأخيرة المحاكمة العلنية لحسني مبارك .وبقدر ما كانت رؤية مبارك في قفص الاتهام لحظة نجاح عظيم للثورة المصرية الا ان ما حدث أثناء المحاكمة يثير القلق : فقد تم منع أهالى الشهداء من حضور المحاكمة وتم السماح للبلطجية من أنصار مبارك بالمرور مسلحين بالطوب الذين قذفوا به أهالى الشهداء وتدخلت أجهزة أمنية لتمنع أسماء بعينها من الاعلاميين والمحامين من حضور المحاكمة وفي نهاية الجلسة نقلت الكاميرات مشهد جمال وعلاء مبارك ووزير الداخلية السفاح حبيب العادلي وهم يخرجون من القاعة فبدوا وكأنهم خارجون من عرض سينمائي ، كانوا يضحكون وأيديهم طليقة غير مقيدة كما يقضى القانون بل ان قائد الشرطة العسكرية وكبار ضباط الشرطة الموجودين أدوا تحية الاجلال للوزير القاتل وكأنه لازال في منصبه .

وفي نفس الوقت فان أفراد الشرطة العسكرية انقضوا على أهالى الشهداء والمتضامنين معهم في ميدان التحرير ليفضوا اعتصامهم بمنتهى القسوة وقد سمعت بنفسي شهادات لفتيات مصريات تم الاعتداء عليهن بالفاظ خادشة للحياء وبالضرب المبرح من أفراد الشرطة العسكرية الذين لم يتحرجوا في نهار رمضان من دخول مسجد عمر مكرم بالأحذية للقبض على المعتصمين السلميين الذين يعاملون الآن وكأنهم أعداء الوطن بل ان بعض شباب الثورة ذهبوا في اليوم التالي للافطار في ميدان التحرير فتم الاعتداء عليهم مجددا من الشرطة العسكرية وتلقوا النصيب الأوفر من الاهانات والاذلال والتنكيل تماما وكأن مبارك لازال يحكم مصر ..

بعد ذلك تم اغلاق ميدان التحرير تماما واحتلاله بواسطة عشرات الجنود وكأن المجلس العسكري يقول لنا :


ــــ لقد شاهدتم مبارك في قفص الاتهام .. من الآن فصاعدا لن نسمح لكم بالتظاهر أو حتى الاعتراض .
.

الثورة المصرية الآن تمر بلحظة حرجة فعلا واذا لم ننقذها سوف تتحول الى انقلاب . الثورة تغيير شامل والانقلاب تغيير محدود في أعلى السلطة .اذا لم نتحرك بسرعة سوف يذهب مبارك ويأتى حاكم آخر بنفس النظام ونفس العقلية ونفس الممارسات ولابد من الاعتراف أن المؤامرات المتوالية ضد الثورة قد أنهكت ملايين المصريين الذين كانوا يتوقعون أن تتحسن أحوالهم بعد ستة أشهر من نجاح الثورة .

يكفى أن نقارن بين حالة التفاؤل التى سادت مصر بعد تنحى مبارك وحالة القلق والخوف من المجهول التى تسيطر على الناس الآن .وقد ضاعف من الأزمة أن بعض أفراد جماعات الاسلام السياسي قد اعتبروا أن ارضاء المجلس العسكري هو الطريق المضمون لتولي السلطة فصاروا أشبه بالمتحدثين الاعلاميين للمجلس العسكري .

يمدحونه ليل نهار ويوافقون على كل ما يفعله ويسكتون على أخطائه مهما تكن جسيمة . ..وقد كانت حالة الضعف التى تمر بها الثورة المصرية فرصة لتوجيه المزيد من الضربات لها فتوالت اتهامات فارغة بالعمالة على الشباب النبيل الرائع الذين غيروا بشجاعتهم ودمائهم مصير مصر والمنطقة بأسرها وتم تدبير حادثة العباسية من أجل الاعتداء على شباب الثورة فأصيب المئات واستشهد الشاب محمد محسن وتوالت ضربات القمع والاهانات على المتظاهرين وكأن نظام مبارك ينتقم منهم لأنهم السبب في اسقاط الطاغية وحبسه ..الآن ما العمل ؟!..

. أعتقد أن هناك ثلاث خطوات ضرورية من أجل انقاذ الثورة :

أولا :
يجب أن تتوحد كل القوى الثورية الان وبلا ابطاء .يجب تشكيل هيئة تمثل الثورة حتى تقدم مطالبها الى المجلس العسكري وفي نفس الوقت تسيطر على سلوك المتظاهرين حتى لايحدث انفلات يتم استعماله لضرب الثورة

ثانيا :
يجب أن نتفق على الحد الأدنى من المطالب التى تكفل اجراء انتخابات نزيهة ثم نستمر في الاصرار على هذه المطالب والضغط على المجلس العسكري من أجل تنفيذها ..

أؤكد هنا ان الضغط على المجلس العسكري لايعنى أبدا التطاول عليه أو المطالبة باسقاطه فالمجلس العسكري بالرغم من أدائه الذى لا نوافق عليه هو الحائط الأخير للوطن الذى لن نسمح أبدا بأن يتصدع . هذه المطالب تتمثل في منع محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية والافراج عن كل المعتقلين في السجن الحربي ثم تغيير النائب العام الحالي وتعيين نائب عام للثورة من رموز حركة استقلال القضاء .

يجب تطهير القضاء من القضاة الذين أشرفوا على تزوير الانتخابات أو الذين ثبت تعاملهم مع أمن الدولة ثم تطهير الشرطة من الضباط الفاسدين والمزورين وايقاف الضباط المتهمين بقتل المتظاهرين عن العمل حتى تنتهى محاكماتهم وأخيرا تعديل قانون الانتخابات وفقا لمطالب القوى السياسية ..هذه المطالب لا غنى عنها من أجل ضمان انتخابات تعبر عن ارادة المصريين والتنازل عن هذه المطالب يعنى ببساطة وقولا واحدا ان الانتخابات القادمة ستكون مزورة
ثالثا : اذا استطعنا انجاز هذه المطالب التى تضمن انتخابات نظيفة فان واجبنا هو المطالبة بالاسراع بالانتخابات في اقرب فرصة حتى تنتقل السلطة الى حكومة مدنية منتخبة . لم يعد هناك وقت ولا فرصة ولا معنى للدخول في مناقشات مطولة حول الدستور أو مبادئه الحاكمة . كل هذه المناقشات سوف تؤجل انتقال السلطة الى الشعب وتزيد من انقسام القوى الوطنية وفي النهاية لن تفضى بنا الى شيء ..

اذا أردنا ان ننقذ الثورة فيجب أن نتخذ هذه الخطوات فورا ..

ان ألف شهيد وألف وأربعمائة مصري فقدوا أبصارهم وخمسة آلاف مصاب بالاضافة الى ألف مفقود في الغالب تم قتلهم في الأيام الأولى للثورة .

هؤلاء الأبطال قدموا تضحياتهم من أجل تغيير شامل وليس اصلاح جزئي ..

من أجل ثورة حقيقية مكتملة وليس مجرد انقلاب يستبدل طاغية بآخر في نفس النظام القديم .

ان تحقيق مطالب الثورة هو الطريق الوحيد الى المستقبل . ..



ينشر المقال غدا الثلاثاء 9/8/2011

بجريدة المصري اليوم

خاص بالصفحة الرسمية للأديب علاء الأسواني

Thursday, August 4, 2011

قناة التحرير برنامج ليطمئن قلبى مع أحمد ابو هيبة حلقة 4 رمضان

عمر طاهر يكتب فى التحرير: علىَ


 
يقول سيدنا على بن أبى طالب: البخل عار، والصبر شجاعة، والزهد ثروة، والصدقة دواء، ونعم القرين الرضا، وصدر العاقل صندوق سره.
يقول: إذا أقبلت الدنيا على أحد أعارته محاسن غيره، وإذا أدبرت عنه سلبته محاسن نفسه، وينصح أن خالطوا الناس مخالطة إن متم معها بكوا عليكم، وبناء عليه يرى سيدنا على أن أعجز الناس من عجز عن اكتساب الإخوان.
يقول: إذا وصلت إليكم أطراف النعم فلا تنفروا أقصاها بقلة الشكر، ويلفت نظرنا إلى أن الفرصة تمر مر السحاب فانتهزوا فرص الخير.
يقول: أفضل الزهد إخفاء الزهد، وفاعل الخير خير منه، وفاعل الشر شر منه، ومن أطال الأمل أساء العمل.. أى أن مرور وقت طويل وأنت تنتظر تحقق الأمانى دون نتيجة، فهذا يعنى أنك قد أسأت العمل عليها حتى تتحقق.
يقول: لسان العاقل خلف قلبه وقلب الأحمق خلف لسانه، ويلفت نظرنا إلى أن «الحذر الحذر.. فقد ستر وكأنه غفر».
يقول: قدر الرجل على قدر همته، وصدقه على قدر مروءته، وعفته على قدر غيرته، ويحذرنا أن احذروا الكريم إذا جاع، واللئيم إذا شبع، ويقول إن الكرم الحق ما كان ابتداء منك، فأما إذا كان عن مسألة فهو فرار من الذم، ويقول: لا غنى كالعقل، ولا فقر كالجهل، ولا ميراث كالأدب، ولا سند كالمشاورة، ويلفت نظرنا إلى أن من حذرك كمن بشرك.
يقول: لا يستقيم قضاء الحوائج إلا باستصغارها، حتى تعظم بالتحقق، وباستكتامها حتى تظهر، وينصحنا أن اعقلوا الخبر عند سماعه، عقل رعاية لا عقل رواية، فإن رواة العلم كثيرون لكن رعاته قليلون.
ويقول: إضاعة الفرصة غصة، وعظم الخالق عندك يصغر المخلوق، أيا كان فى عينيك، والدنيا ممر لا مقر، والناس فى الدنيا رجلان: رجل باع نفسه فأهلكها، ورجل ابتاع نفسه فأعتقها.
ويقول من أُعطى أربعا لم يُحرم أربعا: من أُعطى الدعاء لم يُحرم من الإجابة، ومن أُعطى التوبة لم يُحرم من القبول، ومن أُعطى الاستغفار لم يُحرم من المغفرة، ومن أُعطى الشكر لم يُحرم من الزيادة.
ويقول: استنزلوا الرزق بالصدقة، ومن أيقن بالخلف جاد بالعطية، أى من وثق أن الله سيخلف عليه أعطى دون تردد، ويقول ينزل الصبر على قدر المصيبة، ويطلب منا أن حصنوا أموالكم بالزكاة، وحافظوا على إيمانكم بالصدقة، وينصحنا أن التودد نصف العقل.
يقول: الناس أعداء ما جهلوا، وينصحنا أنه إذا خفت من أمر فقع فيه، فإن شدة توقيه أعظم مما تخاف منه، وأن ازجر المسىء بأن تكافئ المحسن، وأن سر الرياسة سعة الصدر.
يقول: الغدر بأهل الغدر وفاء، ومن ظن بك خيرا فأصدقه ظنه، ويقول من لان عوده كثفت أغصانه، أى من كان رحيما ودودا لينا مع الناس، كبرت روحه كشجرة مثمرة كثيفة الأغصان، وأول الصداقة انصراف النظر عن رؤية التفاوت، حتى لا يقع الحسد، فحسد الصديق دليل على ضعف المودة.
يقول: الصبر صبران، صبر على ما تكره، وصبر عما تحب، وقيمة كل امرئ ما يحسنه، ولا ترى الجاهل إلا مُفرطا أو مفرَطا، وينبهنا إلى أنه إذا تم العقل نقص الكلام.

Tuesday, August 2, 2011

قناة التحرير الكبير اوى مع احمد مكى حلقة 2 رمضان

كيف تقضى على الثورة فى ست خطوات..


أيها الجنرال. إذا فاجأتك الثورة لا تفزع. إياك أن تخاف من مشهد ملايين المتظاهرين الغاضبين. اهدأ.. التقط أنفاسك وتمالك نفسك. اعلم أن الثورة حالة استثنائية. لحظة إنسانية نادرة يتصرف فيها الناس بشجاعة ويندفعون إلى الموت دفاعا عن حريتهم وكرامتهم. الثورة استثناء والقاعدة أن الناس يتقبلون الظلم خوفا من القمع أو طمعا فى مصالح صغيرة. الدليل على ذلك أن عدد الثورات قليل للغاية فى التاريخ الإنسانى.. لقد وضعتك الظروف على قمة السلطة فى أعقاب الثورة فلا تخف من هدير الجماهير الغاضبة فى الطرقات... إنهم أشبه بحيوانات قوية هائجة بلا عقل. أنت المروض الماهر الذى سيتمكن بضربات محسوبة بارعة من السيطرة عليهم وإدخالهم إلى أقفاصهم مرة أخرى... عليك باتباع الخطوات الآتية:
أولا: احتفل بالثورة والعن الديكتاتور المخلوع
يجب أن تعلن إدانتك الكاملة للعصر البائد. أنت بالطبع متعاطف مع الديكتاتور السابق الذى كان رفيقك وصديقك على مدى عقود لكن يجب أن تلعنه على الملأ وتهتف بحياة الثورة.. سوف يصدقك الشعب فورا. لن يفكر أحد فى أنك صاحبت الديكتاتور المخلوع أربعين عاما فلم تعترض مرة واحدة على جرائمه. سيصدقك الناس لأنهم يتمنون لو كنت مؤيدا للثورة والإنسان أقرب إلى تصديق ما يتمنى حدوثه. لا تسرف فى لعن الديكتاتور حتى لا تثير الشكوك. العنه مرة أو مرتين على الأكثر. لكن عليك بالاحتفال الدائم بالثورة. يجب أن يستيقظ المواطنون ويناموا على أناشيد الاحتفال بالثورة.. أولا لأنهم سيشعرون بأن الثورة قد نجحت (بالرغم من أنها لم تحقق هدفا واحدا من أهدافها) ثانيا لأن كل ما يحدث فى بلادهم بعد ذلك سيرتبط بالثورة دون سواها...
ثانيا: احتفظ بالنظام القديم كاملا
إياك أن تخضع لمطالب الثوار وتغير شيئا من النظام القديم. ذلك خطأ فاحش. فى البداية سيضغطون عليك بشدة من أجل التغيير. انتظر حتى تصل ضغوطهم إلى ذروتها، ثم قم بتغيير صغير شكلى لا يمس قواعد النظام القديم. ماذا يفعل ربان السفينة إذا شارفت على الغرق؟!. إنه يلقى إلى البحر ببعض الأشياء الثقيلة حتى تسترد السفينة توازنها.. هذا ما يجب أن تفعله. اختر بعض الشخصيات السياسية المكروهة من الشعب. اقبض عليهم وقدمهم إلى المحاكمة. يجب أن تكون محاكماتهم بطيئة معقدة كثيرة الإجراءات حتى ينسى الناس فى النهاية الغرض منها. اجتمع بهؤلاء المكروهين واشرح لهم أنك لن تتخلى عنهم أبدا. قل لهم إن أحدا لن يؤذيهم وأن محاكماتهم مجرد إجراء سياسى لامتصاص غضب الشعب لا أكثر ولا أقل. اجعلهم ينعمون بحياة مترفة داخل السجن وكأنهم مازالوا يعيشون فى قصورهم. إياك أن تتخلى عن أعضاء النظام القديم. هؤلاء هم جنودك المخلصون. لو فرطت فيهم لن تجد لهم بديلا وستجد نفسك وحيدا بلا سند أمام شعب غاضب. إن القاضى الفاسد الذى تملى عليه الأحكام بالتليفون ووكيل النيابة الذى يفسد بيده أدلة الاتهام بناء على طلبك والمذيعة الشهيرة التى تتلقى يوميا تعليمات الأمن قبل التصوير وضابط الشرطة الجلاد الذى يعذب ويقتل عشرات الناس دفاعا عن النظام. هذه النماذج نادرة إياك أن تضيعها من يدك.. اجتمع بهم سرا وأكد لهم أن النظام القديم كما هو لم ولن يتغير، ثم أجزل لهم العطاء حتى يتفانوا فى الدفاع عنك.
ثالثا: اترك أحوال البلد تتدهور حتى تصل إلى الحضيض..
يجب أن تفهم كيف حدثت الثورة. لقد كان المجتمع منقسما إلى ثلاثة أقسام: المستفيدون من النظام والثوريون والناس العاديون. الثوريون كان عددهم قليلا وتأثيرهم ضعيفا لأن النظام كان يقمعهم باستمرار. القطاع الأعرض من الشعب كان ينتمى إلى الناس العاديين الذين كانوا متضررين من النظام، لكنهم لا يملكون شجاعة الاعتراض. لقد حدثت الثورة عندما نجح الثوريون فى إقناع العاديين بالانضمام إليهم. هنا نقطة ضعف الثورة التى يجب أن توجه إليها ضرباتك.. يجب أن تضغط على الناس العاديين حتى يعودوا إلى مقاعد المتفرجين.. يجب أن تتفاقم الأزمات فى كل مكان. الفلاحون يجب أن تنقطع عنهم مياه الرى ولا يجدوا الأسمدة حتى يفسد المحصول وتبور الأرض. العمال يجب أن يلقى بهم فى الشارع لأن المصانع توقفت. الموظفون يجب أن تتأخر رواتبهم وتلغى العلاوات التى وعدوا بها. يجب أن تختفى الشرطة تماما وتنتشر السرقة والاعتداءات والبلطجة. يجب أن يندس عملاء الأمن بين المتظاهرين ليعطلوا المرافق ويقطعوا خطوط السكك الحديدية. فى الوقت نفسه فإن عملاءك فى الإعلام يجب أن يقودوا حملة منظمة لترويع الناس. يجب أن يضخموا من تأثير الأزمة ويلصقوا كل المشكلات بالثورة حتى تترسخ فى أذهان الناس فكرة أن البلد يقترب من المجاعة والفوضى بسبب الثورة. الثورة وحدها...
رابعا: اضرب وحدة الثوريين وفرق بينهم
اعلم أن الثوريين أعداؤك الحقيقيون. إنهم لا يثقون بك وسوف يدركون أبعاد مؤامرتك منذ اللحظة الأولى. يجب أن تشق صفوفهم. استعن بتقارير الأمن لتفهم اتجاهاتهم الفكرية والسياسية. ستكتشف أنهم مختلفون لكنهم اتحدوا فى الثورة من أجل تغيير النظام... اصطنع قضية ثم قم بإجراء انتخابات أو استفتاء من أجل أن ينقسم الثوريون إلى فريقين. بعد ذلك يجب أن تتحالف سرا مع فريق من الثوريين ضد الفريق الآخر.. من الأفضل دائما أن تتحالف مع الفاشية الدينية ضد القوى الديمقراطية.. الفاشيون حلفاء ممتازون لأنهم لا يؤمنون بالديمقراطية وإنما يستعملونها فقط للوصول إلى السلطة. إنهم يشعرون بأنهم يمتلكون وحدهم الحقيقة الكاملة، وبالتالى يحتقرون المختلفين عنهم ولا يعترفون بحقوقهم. الفاشيون يشبهون جيشا منظما سيضع نفسه بالكامل تحت تصرفك. سوف يسحقون كل من يخالفك وسوف يؤيدون كل ما تفعله أو تقوله مادمت قد وعدتهم بالسلطة. هؤلاء الفاشيون الذين يتحدثون باسم الدين ويحرصون على أداء الصلوات فى أوقاتها سوف يدهشونك بقدرتهم على الكذب والنفاق، سوف ينقضون العهد ويخونون الثورة بنفس البساطة التى تشعل بها أنت سيجارة.. اطلب من الفاشيين أن ينظموا مظاهرات ضخمة من أجل استعراض قوتهم وعندما يشاهد المواطنون تشكيلاتهم العسكرية ووجوههم المتجهمة ويستمعون إلى هتافاتهم العدوانية.. سيصاب الشعب بالفزع وسوف يتساءل كثيرون إن كانت الثورة التى أزاحت الديكتاتور تعتبر عملا صائبا. فى تلك اللحظة لابد أن تظهر مظاهرات مختلفة.. مجموعات أعدتها أجهزة الأمن، يقوم أثرياء النظام القديم بتمويلها وتركز عليها أجهزة الإعلام.. هؤلاء المتظاهرون الجدد يشيدون بالديكتاتور المخلوع ويعتبرونه بطلا عظيما ويبكون أمام الكاميرات وهم يتذكرون ما حاق به من إهانات. هكذا تتحول الثورة إلى وجهة نظر تخالفها وجهة نظر أخرى. إذا نجحت فى تنفيذ هذه الخطوات سيصبح الثوريون محاصرين من كل اتجاه. الفاشيون يتوعدونهم ويعتدون عليهم والناس العاديون يعتبرون أن المظاهرات التى يقومون بها هى السبب فى الأزمة الاقتصادية وانعدام الأمن. عندئذ سيقل عدد الثوريين وسيعودون كما كانوا قبل الثورة.. قلة متحمسة لا يتعاطف الناس معها كثيرا...
خامسا: حاصر الثوريين وشوِّه سمعتهم..
بعد أن انصرف الناس العاديون عن الثورة وانقلب عليها الفاشيون.. يجب أن تبدأ حملة واسعة منظمة من أجل تشويه سمعة الثوريين.. الأمر من أسهل ما يمكن، فلديك أتباعك فى الإعلام والشرطة والقضاء.. من السهل تلفيق وثائق وصور ومستندات تؤكد أن هؤلاء الثوريين خونة وأنهم عملاء لقوى أجنبية دفعتهم للثورة. يجب أن تسجل عشرات البرامج فى التليفزيون وتعقد عشرات الندوات من أجل مناقشة هذا الأمر الخطير.. هل كانت هذه الثورة وطنية فعلا أم أنها مدبرة من عناصر أجنبية؟!.. هل انتقمت الدول الاستعمارية من الديكتاتور المخلوع لأنه تمسك دائما باستقلال بلاده..؟ (أنت تعرف أن المخلوع كان خائنا وعميلا لأكثر من جهاز مخابرات لكن للضرورة أحكام). فى لحظة مناسبة سوف يعلن المتحدث باسمك أنك أمرت بتحقيق موسع لمعرفة حجم الدور الأجنبى فى التخطيط للثورة؟.. هل كان هناك أجانب يعطون تعليمات لأشخاص معينين فى أيام الثورة؟!.. سوف يؤيدك الفاشيون بقوة وسوف يكذبون لتشويه الثوريين لأنهم يريدون أن يتولوا الحكم وحدهم.. سوف يصاب الناس العاديون باضطراب وكثيرون منهم سيصدقون أن هؤلاء الثوريين ما هم إلا عملاء خونة.. سوف تضحك طويلا وأنت ترى شباب الثورة الذين كان ينظر إليهم منذ أسابيع قليلة باعتبارهم أبطالا قوميين تلاحقهم الآن فى كل مكان نظرات الاستهجان واتهامات العمالة..
سادسا: وجه ضربتك القاضية
انتظر حتى تسوء الأحوال الاقتصادية والأمنية بشدة.. عندئذ سيكون الناس العاديون قد انهارت معنوياتهم وبدأوا يكرهون الثورة فعلا.. عندئذ صارح الشعب بأن الأزمة طاحنة وأن الحالة ستزداد سوءا، ثم اطلب من المواطنين أن ينقطعوا عن التظاهر والاعتصامات حتى تهدأ الأحوال وتدور عجلة الإنتاج. بالطبع لن يقبل الثوريون التوقف عن التظاهر.. إنهم الآن يشعرون بأنك خدعتهم وسرقت الثورة.. إنهم يدركون أنك تظاهرت بحماية الثورة لكنك فى الواقع احتويتها وعطلتها عن تحقيق أهدافها.. سينزل الثوريون بأعداد قليلة ويتظاهرون من جديد ويهتفون بسقوطك.. عندئذ ستكون نهايتهم... سيعتدى عليهم الفاشيون بكل شراسة لرغبتهم فى الحكم. أما الناس العاديون الذين يشعرون بالضياع والإحباط فسوف ينقضون عليهم وهم يلعنون الثورة.. سيحاول الثوريون شرح وجهة نظرهم ولكن دون جدوى. لا أحد يريد أن يسمعهم. الفاشيون يتهمونهم بالخيانة وتنفيذ أجندات أجنبية والناس العاديون يحملونهم مسؤولية الفقر والبطالة والفوضى.. ابعث من يصور لك ما يحدث فى الميادين وعندما ترى الناس العاديين، الذين كانوا يوما ما مستعدين للموت من أجل الثورة، يلعنون الثورة ويضربون الثوريين ويطاردونهم حتى يجلوهم عن الميادين
عندئذ فقط تكون قد أتممت المهمة بنجاح. امنح نفسك إجازة أنت تستحقها. احتفل وافخر بإنجازك. لقد نجحت فى القضاء على الثورة.
(ملحوظة: خطرت لى فكرة هذا المقال وأنا أقرأ عن تاريخ الثورات فى جمهورية جزر القمر، وبالتالى لا علاقة للمقال بما يحدث الآن فى مصر بتاتاً).

خريطة العالم في نظر المجلس العسكري


Monday, August 1, 2011

كيف تقضي على الثورة في ست خطوات

د. علاء الأسواني: كيف تقضي على الثورة في ست خطوات؟

أولا : احتفل بالثورة والعن الديكتاتور المخلوع
ثانيا : احتفظ بالنظام القديم كاملا
ثالثا : اترك أحوال البلد تتدهور حتى تصل الى الحضيض
رابعا : اضرب وحدة الثوريين وفرق بينهم
خامسا : حاصر الثوريين وشوه سمعتهم
سادسا : وجه ضربتك القاضية

تواشيح للشيخ محمد رفعت رحمه الله.wmv