USATODAY.com News

Wednesday, April 6, 2011

العادلي وتسجيلاته

عبد العزيز محمود   |  06-04-2011 00:57 

لا اعرف ما هو الجديد في أن وزير الداخلية السابق حبيب العادلي امر بمراقبة اتصالات كبار المسئولين ورؤساء الاحزاب والشخصيات القضائية وعلى رأسها النائب العام ؟!

وما هو الغريب في ان العادلي أشرف بنفسه على عمليات المراقبة وطلب من قطاع الاتصالات بوزارة الداخلية إبلاغه بنتائجها أولا بأول لابلاغها بنفسه للرئيس السابق ونجله أمين السياسات!

انا شخصيا لا أري مفاجاة في ذلك من اي نوع ففي كل نظام شمولي من الطبيعي ان يخضع انصار النظام وخصومه للمراقبة علي اساس ان الجميع مشكوك في ولائهم حتى إشعار آخر!

حدث هذا في المانيا النازية وفي ايطاليا الفاشية وفي الاتحاد السوفيتي ودول الكتلة الشيوعية وفي الصين الشعبية وفي جمهوريات الموز بامريكا اللاتينية وفي عالمنا العربي من المحيط الى الخليج!

وكان من الطبيعي ان يحدث هذا في ظل نظام مبارك الذي صنف عالميا باعتباره أحد اسوأ الأنظمة القمعية في العالم رغم كل ماكان يردده إعلام النظام عن الحرية والديمقراطية وسيادة القانون.

ولم يكن ما فعله العادلي الا تنفيذا لتعليمات الرئيس وامتدادا لما كان يحدث في عهود سابقة منذ انشاء القلم المخصوص (الاب الروحي لأمن الدولة) في عام 1913 والذي استخدم في ملاحقة معارضي النظام الملكي وخصوم الاحتلال لكنه كان يعمل –والحق يقال - في إطار بعض الضوابط القانونية.

ومع قيام ثورة يوليو 1952 استمرت اجراءات الملاحقة الامنية في غياب اي رقابة قضائية بدعوى حماية الثورة من اعدائها ثم تولي السادات الحكم رافعا شعار سيادة القانون لكنه سرعان ما انقلب على نفسه وأمر باستئناف المراقبة ضد خصومه واصدقائه على السواء!

وفي عهد مبارك اتسع نطاق المراقبة غير الخاضعة لأي ضوابط قانونية لتشمل كل من له نشاط سياسي او اجتماعي او اقتصادي او رياضي او فني أو ديني أوإعلامي وكان من الطبيعي في ظل التقدم التكنولوجي ان يتم مراقبة ملايين المصريين باستخدام أحدث أجهزة التنصت التي تم استيرادها من الولايات المتحدة الامريكية واوروبا مع الاستعانة بشركات من السويد وإسرائيل لإحكام الرقابة على شبكات الهواتف الجوالة !

ولم يكن غريبا ولا مستغربا أن يتم ذلك بتعليمات مباشرة من الرئيس السابق الذي كان مهووسا باتخاذ كافة التدابير اللازمة لتأمين نفسه واسرته ونظامه مع التركيز على شخصيات بعينها كان يطلب ملاحقتها والتسجيل لها قبل ان يصدر اوامره بعزلها او اعتقالها او تصفيتها، بل ان هوس المراقبة امتد الى نجل الرئيس الذي كان يطلب ملاحقة كل من يشتبه في منافسته له على مقعد الرئاسة أو منافسته له في مجال البيزنس!

وفي ظل هذا الجو المسموم شكل رموز النظام السابق مجموعات خاصة للقيام بأعمال المراقبة خارج النظام الامني، كانت تقوم بملاحقة كل من يشتبه في ولائهم لقادة النظام مع التركيز على الفضائح الشخصية وطباعتها على سيديهات لاستخدامها في الابتزاز وتوزيعها أحيانا بهدف التشهير وتحطيم السمعة!

كما شهد هذا العصر الإعلان عن قضايا أخلاقية أو توزيع سيديهات فضائحية لشخصيات في الحكم والمعارضة كانت تشكل تهديدا محتملا للرئيس السابق واسرته، وامتد هوس المراقبة للحزب الوطني الذي انشأ غرفة سرية في مقره الرئيسي هي(غرفة جهنم ) للاحتفاظ بالتسجيلات السوداء لقادة المعارضة والسياسيين والشخصيات العامة والنواب والقيادات الصحفية والاعلامية لابتزازهم والسيطرة عليهم!

وكان غريبا ان يقتبس النظام السابق خبرات جهاز المخابرات السوفيتية (كي جي بي) وجهاز (ستازي) الشهير في المانيا الشرقية للقيام باعمال الملاحقة والسيطرة كما اقتبس بعض خبرات وكالة الامن القومي الامريكية ( ان اس ايه) وهي وكالة متخصصة في جمع المعلومات المرسلة عن طريق نظم الاتصالات وتحليلها.

ومع دخول الهواتف المحمولة الى مصر تم الاستفادة بخبرات شركة (Rode Schwarz) الالمانية لمراقبة الهواتف النقالة باستخدام نظام (IMSI-catcher) والذي يمكنه اصطياد الاشارات الصادرة عن اي هاتف جوال وتحويلها الى كلمات مسموعة، وتحديد اماكن المتحدثين واستخدام اجهزة المحمول -حتى وهي مغلقة- في نقل المحادثات القريبة منها، كما تم استخدام حاسبات معينة عن طريق خاصية البلوتوث لاختراق الهواتف النقالة والتنصت عليها والاطلاع على الارقام الشخصية والرسائل المخزنة عليها !

ووفقا لما نشره موقع (هفنجتون بوست) استعان النظام السابق بخبرات شركة ناروس (Narus) الاسرائيلية لمراقبة شبكة الانترنت في مصر رغم ما يشكله ذلك من تهديد للامن القومي المصري، وقدمت الشركة تقنيات متطورة كانت تقوم بتحليل الاصوات وتسجيل بصمة الصوت واعتراض كل ما يصل ويخرج عن طريق الإنترنت من صور ومراسلات مكتوبة، ومنعها من الوصول الى الجهة المعنية، أو تغيير مسارها لتصل الى جهة أخرى.

ولم يكن كل ذلك الا محاولة محلية ومحدودة لتقليد نظام إيشلون Echellon للتجسس وهو نظام آلي عالمي تبنته الولايات المتحدة لاعتراض والتقاط كل الاتصالات العالمية كمكالمات الهاتف والفاكسات ورسائل البريد الالكتروني وكل الاتصالات المبنية على الانترنت واشارات الاقمار الصناعية وكان بإمكان هذا النظام اعتراض ثلاثة مليارات اتصال يوميا لكن شتان بالطبع بين الامكانات التقنية في الحالتين وبين الهدف في كل منهما، فحماية الامن القومي لدولة ما يختلف تماما عن توفير الحماية لديكتاتور وأسرته!

بصراحة مافعله العادلي من مراقبة اتصالات كبار المسئولين والشخصيات العامة لم يكن الا تكرارا لما يحدث في كل الانظمة القمعية الخاضعة لحكم الفرد او الأسرة أو المافيا، وفي كل الاحوال فإن مبارك هو المسئول الأول والحقيقي عن كل تسجيلات العادلي 
!

No comments:

Post a Comment