USATODAY.com News

Tuesday, April 5, 2011

ليس كل ما يقوله المتصوفه كفر

  • اجْتِهادُكَ فيما ضُمِنَ لَكَ وَتَقصيرُكَ فيما طُلِبَ مِنْكَ دَليلٌ عَلى انْطِماسِ البَصيرَةِ مِنْكَ.
  • لا يَكُنْ تأَخُّرُ أَمَدِ العَطاءِ مَعَ الإلْحاحِ في الدُّعاءِ مُوْجِباً لِيأْسِكَ. فَهُوَ ضَمِنَ لَكَ الإِجابةَ فيما يَخْتارُهُ لَكَ لا فيما تَخْتارُهُ لِنَفْسِكَ. وَفي الوَقْتِ الَّذي يُريدُ لا فِي الوَقْتِ الَّذي تُرْيدُ.
  • لا يُشَكّكَنَّكَ في الوَعْدِ عَدَمُ وُقوعِ المَوْعودِ، وإنْ تَعَيَّنَ زَمَنُهُ؛ لِئَلّا يَكونَ ذلِكَ قَدْحاً في بَصيرَتِكَ وإخْماداً لِنُوْرِ سَريرَتِكَ.
  • ما نَفَعَ القَلْبَ شَئٌ مِثْلُ عُزْلةٍ يَدْخُلُ بِها مَيْدانَ فِكْرَةٍ. 

ابن عطاء الله السكندري
الشيخ الإمام الصوفي أبو الفضل تاج الدين أحمد بن محمد بن عبد الكريم المعروف بابن عطاء الله السكندري المتوفى بمصر سنة 709ﻫ
 ----------------------------------------------------------------------------

وليد عبد الماجد كساب   |  05-04-2011 00:15

من أَسَفٍ أن تخرج علينا بعض الصحف ووسائل الإعلام بخبر مفادُه أن مجموعة من المنتمين للجماعات السلفية يهاجمون بعض الأضرحة ويهدمونها، ويعتدون على المواطنين الذين يحاولون منعهم من هدم الأضرحة، بالأسلحة البيضاء والشوم.

هذا الخبر كما قرأتُهُ لا يخلو من مبالغة، فالسلفيون لا يُعرف عنهم العنف المُفرِط الذي أظهرته وسائل الإعلام التي تشن حربًا شعواء على الفكر السلفي، والمتابع للأحداث لا يحتاج إلى كثير من الذكاء ليُدرك أبعاد هذه الحملة التي تهدف إلى تشويه الجماعات الإسلامية عامة في المرحلة الراهنة التي تعاظم فيها دور التيار الإسلامي بشكل ملموس.

وبصرف النظر عن مدى صحة هذه الواقعة ومثيلاتها، وعن هُوية من قاموا بها وانتماءاتهم، فهدم الأضرحة أمرٌ لا مبرر له ولا مُسوِّغ، فمنطق العقل يقول إن الإسلام لن يجني شيئا من وراء هدم هذه المباني العتيقة التي عفا عليها الزمان، فما هكذا تُورد الإبل؛ والأَوْلَىَ أن تُهدم الأضرحة في نفوس القبوريين بتصحيح عقيدتهم وتنويرهم، تمامًا كما قيل: "أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تقم على أرضكم".

منذ أكثر من ثلاثين عامًا، وفي إحدى قرى الريف المصري الخصيب، وقعت حادثة مشابهة فقد قام بعض الشباب المتحمس بهدم أحد الأضرحة ليلا على حين غفلة من أهلها النائمين؛ فلما استيقظ أهل القرية ورأوا ذلك ثارت ثورتهم؛ بيد أنهم لم يحتاجوا إلى كثير من الجهد لمعرفة الجناة، تماما مثلما قال قوم إبراهيم –عليه السلام- (قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ) (الأنبياء/60)، فاقتيد الأخوة المتحمسون إلى غيابات السجون، وصُنِّفوا كتنظيم متطرف، أما الضريح فقد أُعيد بناؤه مرة أخرى -نكاية في هؤلاء الشباب- على أساسات جديدة متينة يصعب هدمها حتى بالمدفعية الثقيلة، وهو ما لم يحلُم به صاحب الضريح نفسه إذا كان له صاحب من الأصل.

أما في قريتنا، فكان الوضع مختلفا فقد قاد شباب السلفيين والإخوان حملات توعية استمرت سنوات طويلة حتى تراجعت بعض رموز التصوف آنذاك في القرية عن فكرهم، وانقطعت بدعة المولد، وبقى الضريح مهملا بعد أن كانت تُنحر له الذبائح، وتُؤدَّى إليه النذور، وتُوقد له الشموع.. ولو انهدم المقام الآن من تلقاء نفسه لما وجد في القرية متحمسًا لإعادة بنائه مرة أخرى.

إن الحقيقة التي لابد من التنبه إليها أن التصوف في أصله ليس بالأمر المخالف للعقيدة؛ وقد رأينا من السلف الصالح من تصوف دون أن يُتهم في دينه أو عقيدته، وإنما ينبغي التفريق بين (التصوف) و(التمصوف)، فالصوفية إذا كانت تعني الزهد والتجرد مع التوحيد الخالص لله ونبذ البدع والخرافات فنعما هي، وإن كانت الأخرى فهذا ما لا نُقرُّه.

إذًا فمن غير الإنصاف أن نرى الصوفية من منظور واحد ضيق، فالصوفية الحقة هي كما أوجزها أحد الشعراء بقوله:

ليس التصوفُ رقصَ الراقصين ولا * طبلٌ وزمرٌ وتصخابٌ وتهييج

ولا هو الذكرُ بالألفاظ ساذجةً* محرفاتِ ولا صَعقٌ وتشنيج

ولا مواكبُ رايات ملونةٍ * فيها لما يغضبُ الديانَ ترويج

ولا هو الِعمَّة الكبرى و لا سُبَحٌ * حول الرقابِ ولا جمعٌ مفاليج

ولا الإجازات تُشرَى بالدراهم أو * وظائف صرفها بالزيفِ ممزوجُ

ولا مظاهر آثام الموالد أو * تكاثرٌ برجال خيرهم عُوج

إن التصوفَ فِقهُ الدين قاطبةً *والفقهُ بالدين توثيقٌ وتخريجُ

إن التصوف تحقيقُ الخلافةِ فى* أرضِ الإله وإلا فهو تهريجُ



هذه الأبيات الشعرية عن التصوف الحقيقي ليست لشخص يُنكر التصوف أو يعاديه -كما يبدو للقارىء- وإنما هي للعالم الأزهري المتصوف محمد زكي إبراهيم –رحمه الله- مؤسس العشيرة المحمدية، ولا أظننا نختلف حول ما جاء بها من مفاهيم تؤكد أن في الصوفية من يمكنه النهوض بها وتجديد فكرها لتعود إلى سيرتها الأولى، عندما كان القرآن والسنة مصدرين رئيسين لها، ولعل من المفيد أن نشير في هذا الصدد إلى الأستاذ الدكتور محمد مهنا الأستاذ بجامعة الأزهر الذي ترك العمل كضابط في الداخلية ليحصل على الدكتوراه من فرنسا في القانون الدولي، ولديه من رجاحة العقل ما يؤهله لهذه المهمة التجديدية الصعبة.

على أن هذه الأحداث وغيرها توجب علينا أن نُفرِّق بين التصرفات الشخصية التي تصدر عن بعض السلفيين بشكل فردي، وبين موقف الدعوة السلفية الذي يستمد مشروعيته من الرأي الجمعي لها، فليس من المعقول مثلا أن تُحسب تصريحات الشيخ محمد حسين يعقوب عن (غزوة الصناديق) على الدعوة السلفية، ولا من اللائق أن يُقال إن المُدَّعي الذي بصق في وجه إحدى الصحفيات هو من السلفيين في حين أنه ليس له من السلفية إلا المظهر فقط..

وأخيرا فإن الظروف الراهنة تقتضي أن تنظم الدعوة السلفية صفوفها في هذه الفترة العصيبة من تاريخ الأمة، ولابد لها من كيان منظم يُعبر عن رؤيتها دون إفراط أو تفريط.

 

No comments:

Post a Comment