USATODAY.com News

Tuesday, April 19, 2011

عائلة مبارك اخذت المال كله والمصريون شعب طيب-- صحف عبرية




إن مدخل الاسكندرية هو وجه الثورة المصرية. تلحظ العين المجردة عند ظاهر المدينة تجنيد سكانها أنفسهم للبشرى الجديدة التي جاء بها الثوار المصريون، الشباب الذين سيطروا على ميدان التحرير، في الخامس والعشرين من كانون الثاني (يناير) وخلعوا بعد ثلاثة اسابيع الرئيس غير المضعضع حسني مبارك عن مقعد السلطة. إن علم المتمردين والذي استعملوه في اسابيع الثورة كلها، معلق في كل مكان في الاسكندرية الى جانب العلم المصري. الثورة والأمل. الماضي والمستقبل. محاولة يائسة لايجاد طريق من الفوضى ولفهم الى أين تتجه هذه الأمة الضخمة.
إن مصر بعد الثورة هي دولة ذات شعور وطني قوي. ففي حوانيت الملابس تُباع قمصان طُبع العلم عليها؛ وفي ميدان التحرير في القاهرة يبيعون حتى في ساعات المساء المتأخرة أشياء تذكارية من ايام الثورة؛ وفي نوافذ عرض حوانيت الكتب في الاسكندرية تُعرض كتب توثق آخر ايام مبارك. إن السرعة التي تمت بها كتابتها لا تشوش على النوعية لانها أصبحت كما يبدو أمرا متلقفا. وقد أصبح الضحايا الـ 384 للثورة شهداء، وترتفع صور عدد منهم في اماكن عامة.
لكنه عندما لا يوجد زعيم توجد حالة عصبية. غادر حسني مبارك واختفى نائبه عمر سليمان عن الخريطة السياسية. في 3 آذار (مارس) استقال رئيس الحكومة احمد شفيق، وحل محله عصام شرف وزير المواصلات السابق. تحدث شرف معارضا التطبيع مع اسرائيل في مقابلة صحفية أجراها في الصيف الماضي. أهذه خطوة قد تقلق يهود الدولة؟ لا أحد يستطيع الجزم في هذا. أقطع الطريق الجميل الى الاسكندرية وهي المدينة ذات الابنية الكبيرة واحدى أقدم المدن في العالم أقامها الاسكندر المقدوني في سنة 334 ق.م. وهي مكان وجود المكتبة الكبيرة لكنها مدينة كبيرة ايضا يعيش فيها 4.5 مليون من السكان. يهود؟ هنا؟ في الفترة الرومانية كانوا يشكلون 40 في المائة من السكان، وبعد الحرب العالمية الثانية ايضا كان هنا نحو 15 ألفا منهم. اختفوا اليوم تقريبا ومع كل ذلك ما تزال توجد آثار أخيرة نادرة ثمينة جدا. جئت الى هنا لألتقي مصر مختلفة لا يوجد فيها مبارك. لكنني هنا أكثر من ذلك للقاء يهود مصر الذين جربوا الخوف والقلق لكنهم جربوا ايضا أملا غير ضئيل وهو أكبر ثورة عرفها العالم العربي في العقود الاخيرة.
' ' '
عدد طائفة يهود الاسكندرية 20 شخصا (17 امرأة و3 رجال). ان هذه الطائفة مثل ألماسة صغيرة توجد وتُحفظ حتى في الايام التي تهتز فيها السفينة الكبيرة التي تُسمى مصر بين أمواج سياسية ليس من الواضح كيف ستؤثر فيها. قد تكون ثورة الخامس والعشرين من كانون الثاني (يناير) في مصر قد بثت الأمل في بلد الفراعنة كله، لكننا عندما ننظر بالمجهر الى الكنس ومراكز الثقافة اليهودية المعدودة التي بقيت في مصر يتبين لنا وضع أعوج جدا.
إن معابد الصلاة المدهشة في مصر خالية من الناس. تبقى جميعها تقريبا مغلقة طوال ايام الاسبوع كلها. الطائفة بالغة السن جدا تتضاءل من يوم الى يوم، ومع ذلك فان الأمل الخفي هو ألا تنطفئ على نحو ما في هذه المدينة على الأقل الشمعة اليهودية للاسكندرية التي تشتعل منذ القرن الثالث قبل الميلاد. إن الأمل هو ان يهتم شخص ما باستمرار ما بُني بجهد كبير مدة آلاف السنين.
قبل أن أصل كنيس الاسكندرية، وقفت بجوار فندق 'الفور سيزونز' الفخم، إزاء مركبة مدرعة مصرية. ورأيت بعد ان اجتزت عند مدخل المدينة دبابتين أخريين، هذا هو الجيش الذي يسيطر على الاسكندرية وعلى الدولة كلها بواسطة 'المجلس العسكري الأعلى'. الجنود موجودون في كل زاوية لكنهم يُمكّنون الحياة المدنية من القيام. يمكن التقاط الصور معهم. يبتسم أحد الجنود. أهذا أمر من أعلى؟ ليس واضحا. إن الامر المؤكد هو ان الجيش يُغير التصورات سريعا في مصر. فبعد ان قام الى جانب المتمردين في ميدان التحرير أصبح الآن القوة المسيطرة في الدولة ولهذا خسر شيئا ما من تأييد الجمهور.
إن كنيس الاسكندرية أحد أجمل الكنس وأكبرها في العالم. أسافر نحو شارع النبي دانيال حيث يوجد الحي اليهودي. إن درة تاج الحي هي بطبيعة الامر الكنيس المسمى باسم النبي الياهو (الخضر). يشتمل مبنى مكتب الطائفة اليهودية المجاور له على أرشيف وثائق لليهود ايضا (وثائق مكتوبة وشهادات ميلاد)، ومحكمة دينية يهودية ومبنى كبيرا استُعمل في الماضي كما تشهد اللافتة كمدرسة يهودية. اليوم أُجر مبنى المدرسة لمؤسسة تربية اسلامية.
عند مدخل الموقع يخلي لي شرطي مصري الشارع الضيق. ويُبين لي عاملان محليان مسلمان الطريق، ويخليان لي موقفا. تبين لي بعد ذلك أن العاملين هما جزء من فريق العمال الثلاثين الذين يعملون في صيانة المؤسسات اليهودية ومنها المقابر. تدفع الأجور لهم الطائفة اليهودية من ايجار ممتلكاتها. إن 20 يهوديا يُتيحون عملا لثلاثين مسلما كما كانت الحال منذ سنين. إن اليهودية في الاسكندرية مثل حيوان محمي، ينبغي العمل لمنع فنائه.
إن رئيس الطائفة اليهودية، يوسف (جو) غئون، يمكث في مكتب واسع في قلب الموقع. يستقبلني بابتسامة عريضة. من ورائه شعار سلاح البحرية الاسرائيلي والذي حصل عليه بالوراثة من سلفه. كذلك عُلقت على الحائط صور الحاخام مليفوفيتش. يشير غئون الى خزانة كؤوس: 'كان مكابي الاسكندرية في الماضي بطل مصر في كرة القدم بين السنتين 1923 و1949'، يُبين لي.
عند غئون صورة لوالديه في مكتبه يحتفظ بها. إن والده رمز لاندماج عائلته الناجح في مصر. 'كان والدي خياط عبد الناصر'، يقول بفخر. 'لم يُبدل عبد الناصر والدي قط. اعتاد ان يقول إن خياطه ليست له أي صلة باسرائيل'. فماذا جرى اليوم؟ وسياسة سلطة المستقبل نحو اسرائيل غير واضحة؟ يشعر غئون بأن مسؤولية كبيرة ملقاة على كتفيه وهي الحفاظ على أكبر كنيس في الشرق الاوسط والعناية خاصة بالطائفة الكبيرة السن عنده 20 امرأة ورجلا بعضهم يقارب التسعين من عمره.
إن غئون هو ابن أخ صاحب الملايين المصري نسيم غئون الذي تبرع بترميم كنيس 'شاعر هشمايم' (باب السماء) في القاهرة. يقول 'تعلمت السياحة والاعمال الفندقية'. عرض عليه عمه صاحب فندق 'نوغا هلتون' في جنيف ان يعمل هناك لكنه، وهو الجيل الرابع في الاسكندرية، فضل ان يعود الى البيت من اوروبا وان يعتني بالطائفة اليهودية.
ـ ألم تُرد ذات مرة الهجرة الى اسرائيل؟
ـ 'لا، لانه ليست لي هناك عائلة ولا ينتظرني أحد هناك، أنا مسؤول عن التراث اليهودي في الاسكندرية. والى ذلك اشتريت لنفسي قطعة قبري هنا في المقبرة بجوار قبري أبي وأمي'.
ـ ألم تخف قط بصفتك يهوديا في مصر؟
ـ 'ينبغي الفصل بين اسرائيل واليهود. لم يرفع أحد قط يده علي أو يمس بي. والى ذلك أعرف كيف أحافظ على نفسي'.
ـ أليس لكبار السن اليهود العشرين الذين بقوا معك أقرباء هنا؟
ـ 'لبعضهم اولاد يأتون لرؤيتهم احيانا، وبقي آخرون وحدهم في العالم. الحديث عن ناس اختاروا البقاء هنا. لبعضهم اولاد يرسلون اليهم مالا. أما الباقون فتساعدهم الرابطة اقتصاديا'.
'من المؤسف ان اليهود غادروا'
عرف كنيس الاسكندرية في الماضي غير البعيد اياما حسنة. بين السنتين 2004 و2007 تولى في المدينة القنصل ايلي عنتابي الذي اهتم بجمع عدد الصلاة في يوم الغفران. يهود الطائفة الثلاثة والقنصل وحارسه وأناس الرابطة من الولايات المتحدة ومبعوثو 'حباد' الذين يأتون دائما اهتموا باكمال عدد صلاة الجماعة في أعياد اخرى ايضا. يصحبني عبد النبي، المسؤول عن العمال المسلمين في هذا المكان، في الـ 25 سنة الاخيرة الى الكنيس الكبير المدهش الذي يشتمل على 750 مقعدا. إن أكبر كنس الشرق الاوسط مدهش جدا. هناك درج ينبغي بناؤه يفضي بنا الى باحة المدخل المزخرف. يسطع نور النهار من نوافذ الكنيس الذي يُذكر بكاتدرائية بسبب عمل مهندس العمارة الايطالي الذي صمم هذا المكان.
ـ ألم تخش زمن الاضطرابات أن يصاب المركز؟
ـ 'لم يأت أحد الى هنا'، يقول عبد النبي. 'كنت هنا مع السيد غئون في كل صباح ولم يأت أحد. منذ الخامس والعشرين من كانون الثاني عندما نشبت الاضطرابات الى اليوم جئنا الى العمل كالعادة ولم تُسجل أي حادثة خاصة'.
ـ ماذا سيكون مصير الطائفة بعد جو غئون؟
ـ 'آمل ان يعود اليهود الى الاسكندرية من كل مكان وأن يملأوا الكنيس مرة اخرى. ليأت ناس من اسرائيل وفرنسا، لم لا. هذا أملي. المصريون شعب طيب سواء في عهد مبارك أو في عهد ما بعد مبارك. قبل 60 سنة أو 70 عاش في الاسكندرية 35 ألف يهودي ويؤسفني انهم غادروا، فأنا أحب الشعب اليهودي جدا'.
ـ هل زرت اسرائيل؟
ـ 'عندما يصبح عندي مال سآخذ اولادي وأسافر للزيارة'.
ـ وهل يتم الحفاظ على السلام بين اسرائيل ومصر؟
ـ 'لم لا؟ لا سبب ليكون غير ذلك'.
ـ أكان مبارك شخصا سيئا؟
ـ 'هو الآن شخص سيئ. فعائلته أخذت المال كله'.
ـ ومن سيكون الرئيس التالي؟
ـ 'لا أحد يعلم حقا'.
ـ أربما يكون عمرو موسى؟
ـ 'لا. انه يتحدث كثيرا جدا'.

مكالمة هاتفية من الرئيسة

إن التوتر الذي غرسه داخلي اللقاء مع طائفة اليهود في الاسكندرية قوي عندما بلغت القاهرة، العاصمة المشحونة والجريحة والمبلبلة والمحررة في مصر. في الساعة العاشرة صباحا يوم السبت فتح أزاد، العامل المسلم في الكنيس، ابواب كنيس 'شاعر هشمايم' في شارع عدلي في وسط القاهرة. لم تنتظره جماعة مصلين كبيرة بل رجال شرطة بملابس سوداء خاصة عددهم عشرة على الأقل. قام رجال الشرطة الذين تستعملهم الطائفة اليهودية لحراسة المكان كعادتهم في نوبة الحراسة برغم انه لم يُر مصلون يهود في الأفق.
جهد شخص ما في سفارة اسرائيل في القاهرة بتحذيري في المساء الذي سبق من انه سيأتي الى صلاة الفجر في الكنيس يهوديان على الأكثر أو ربما واحد.
'عدد الطائفة نحو عشرين شخصا كلهم كبار السن جدا'، اوضح لي، ومع كل ذلك بلغت الكنيس في الساعة التاسعة صباحا. انتظرت دقائق طويلة ولو مصليا يهوديا واحدا آخر ينضم إلي لصلاة يوم السبت، لكن لم يأت أحد.
قال لي رجال الشرطة ان الوقت مبكر جدا، بل عرض علي أحد الضباط شرب الشاي في مقهى قريب. جلست في مقهى 'غروبي' الذي عرفته والذي كان ذات مرة معروفا بمخبوزاته الفرنسية. لكنه المكان الذي جلس فيه ذات مرة مئات الناس، ويجلس فيه الآن شابان فقط قرب مائدة مجاورة. انهما طالبان جامعيان سوريان يدرسان الطب في القاهرة. وجهاهما قلقان، يتجهان الى شاشة التلفاز الصغيرة التي تبث على الدوام صورا من الحوادث الصعبة في سورية. يقولان لي 'نحن نحب الاسد، لا تصدق ما تراه في التلفاز'. وماذا بشأن ما حدث هنا في مصر؟ 'كنا في ميدان التحرير. ما حدث هنا أمر عظيم، فرحنا مع الجماهير. كان يجب على مبارك ان ينصرف'. لكن الاسد كما يُبينان مرة اخرى شأنه مختلف.
بعد الشاي الحلو والمحادثة القصيرة مع السوريين، عدت الى كنيس 'شاعر هشمايم'. تابوت العهد مغلق، لكن وضع على المنصة كتاب توراة مفتوح لم يُفتح على فصل الاسبوع الذي تنبغي تلاوته. جاءني أزاد، عامل الكنيس الذي لاحظ القبعة الدينية البيضاء على رأسي بكتاب ترتيب الصلوات. حسدت دائما مندوبي الجمهور في الكنس التي صليت فيها، على قدرتهم الصوتية. ولأنني كنت الوحيد في مبنى الكنيس المركزي في القاهرة سمحت لنفسي بأن آخذ الحق في أن أشغل هذا الدور.
أغمضت عيني للحظة وتخيلت الاربعين ألف يهودي الذين عاشوا في القاهرة في عشرينيات القرن الماضي. فكرت في مئات المصلين في ايام السبت، وفي تراتيل الصلاة وفي ضجيج الاولاد الذين لعبوا في الساحات المجاورة، وفي روائح العطور المحلية التي اندمجت مع رموز زهرة اللوتس الفرعونية رمز الجماعة اليهودية في المدينة. لكن شخصا ما أعادني الى الواقع. رن جهاز الهاتف القديم في الكنيس. في يوم السبت. ردت احدى العاملات على المكالمة. طلبت رئيسة الطائفة، كارمن فاينشتاين، وهي امرأة اعمال في الخامسة والسبعين من عمرها، ورثت أمها إستر منصبها، طلبت ان تتبين هل جاء أحد الى الكنيس، فقيل لها 'الضيف الغريب فقط من اسرائيل'.

المصريون يهتمون بالصيانة

جرب الكنيست المركزي في القاهرة الذي جرى إتمام بنائه في 1905 ورُمم في الثمانينيات بنفقة من صاحب الملايين نسيم غئون، عدة لحظات جميلة عندما جاء سياح من اسرائيل ودول اخرى الى العاصمة المصرية. لكن 'شاعر هشمايم' اليوم في سبات مرة اخرى. انه يفتح أبوابه على الدوام لكن جمهور المصلين لا يأتي.
إن مصر في شهر آذار (مارس) يلفها عدم اليقين. لكن شيئا واحدا واضح وهو انه ليس لليهود المعدودين الذين بقوا هنا سلطة لتقرير شيء. ففي الدولة التي يعيش فيها أكثر من 80 مليون نسمة، لا يشكل 50 في المائة، كلهم بالمناسبة من النساء تقريبا، أي معنى. إن ايام اليهودي يوسف قطاوي باشا، وكان وزيرا سابقا في حكومة مصر وواحدا من صاغة الدستور المصري في 1923، أصبحت ذكرى بعيدة غامضة جدا.
كانت عائلة يوسف قطاوي في ذلك العهد تُعد من أكبر أثرياء اليهود في القاهرة. وكان اليهود أصحاب ثروة ضخمة بفضل صناعة السكر والمصرف الوطني المصري الذي كان بين مؤسسيه. كانت مبان كثيرة حول الكنيس مملوكة لهم، وفي مقابل الكنيس افتتحت حانوتا لبيع الحقائب ومعاطف الجلد.

اسرائيل اليوم 18/4/2011

اسرائيل اليوم 18/4/2011

No comments:

Post a Comment