USATODAY.com News

Sunday, March 27, 2011

بالتي هي أسوأ .




سليمان الحكيم   |  28-03-2011 00:44

لا يزعجني موقف الإخوة في التيار السلفي من الثورة ومحاولة انتزاع أكبر قدر من ثمارها لصالح تيارهم .. بقدر ما يدهشني هذا الموقف الذي يصفه البعض بالانتهازية . خاصة إذا استرجعنا موقف بعضهم الرافض للثورة منذ بدايتها . باعتبارها "فتنة" وابتلاء يصيب الأمة المسلمة . ويهددها بشق الصف تفسيرا لقوله تعالي "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم" ، ولعل ذلك الموقف الرافض منهم يرجع إلي موقفهم المبدئي من مسألة الخروج علي الحاكم "وإن أخذ مالك وجلد ظهرك" بل ربما كان يرجع أصلا إلي الميل لنبذ انشغال المسلم بالأمور السياسية لما تمثله من خطر على وحدة المسلمين وتهديد بالاختلاف الذي يحيلهم إلي شيع وأحزاب .. فالله وحده "يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء" . وتأسيسا علي ذلك كله لا يصح في نظرهم الخروج علي الحاكم بالثورة في محاولة لنزع الملك منه الذي أتاه الله له فضلا ونعمة !

هذا هو ملخص رأي قطاع مهم من السلفيين في الثورة والخروج رفضا للحاكم . وهو ما كانوا يروجون له عبر وسائلهم الإعلامية . ويجاهرون به بين الثوار في ميدان التحرير . وقد دخلت مع بعض هؤلاء ممن ساقتهم الأقدار في طرقي بميدان أثناء الثورة في حوار ساخن نالني فيه منهم ما نالني من أوصاف يعف لسان أي مسلم حقيقي عن النطق . عملا بقوله تعالي "وجادلهم بالتي هي أحسن" فكانوا يجادلون بالتي هي أسوأ . خارجين من دائرة الحوار علي أساس شرعي والدخول به في دوائر أخرى أبعد ما تكون عن الدين وأقرب ما تكون إلي اللجاجة والتنطع !

وحين سقط النظام علي غير إرادة من هؤلاء ودون رغبة منهم رأيتهم خارجين في مسيرات ومظاهرات يهتفون فيها قائلين "الله وحده أسقط النظام" ، وكأنهم أرادوا بمثل هذه الهتافات أن يؤكدوا قول الله تعالي :"وينزع الملك ممن يشاء" ، وحين ذكرتهم بقوله تعالي "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " وهو ما يعني أننا نجحنا في تغيير النظام وإسقاطه حين نجحنا في تغيير أنفسنا من الشعور بالخوف والجبن إلي الشعور بالقوة والأنفة . ومن السكوت علي الظلم إلي الجهر برفضه والاعتراض عليه . لم أسلم من اتهامهم لي بالكفر بالمشيئة الإلهية .. "وما تشاءون إلا أن يشاء الله" ، هذه مسلمات يؤمن بها كل مسلم ولا يقلل من إيمانه بها التسليم والاعتقاد بمشيئة البشر من خلق الله التي توافق مشيئة الله حين تحل عليهم ببركة الفعل ورفض الخمول والجبن.

ورغم ذلك فما أن بدت تباشير النجاح لثورة الشعب بإيجاد واقع جديد ننعم فيه بحرية القول والعمل . حتى شرع هؤلاء مسارعين في انتزاع بعض ثمارها في حجورهم . وهم الذين كانوا يرفضون الشجرة التي جادت بطرحها !

هكذا وجدناهم يسارعون بالمشاركة في الاستفتاء على التعديلات الدستورية وحث الناس بل وتحريضهم علي الإجابة عنها بنعم . باعتبارها واجبا شرعيا . وكأن الذين سيصوتون بلا قد خرجوا من الملة غير مأسوف عليهم . وكنت إذا سألت هؤلاء عن سبب حماستهم للإجابة بنعم . قالوا لك حفاظا علي استمرار المادة الثانية في الدستور التي تنص علي أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع .. رغم وجود هذه المادة في الدستور الذي حكمنا به مبارك والسادات طيلة أكثر من أربعين عاما . لم تشهد مصر خروجا علي الشريعة طوال تاريخها أكثر مما شهدته خلال تلك الأعوام الأربعين . فالشريعة الإسلامية ليست مجرد نص في الدستور بقدر ما هي ممارسة في الواقع العملي . ولعل ذلك ما قصده الإمام محمد عبده "إنني رأيت في أوروبا إسلاما بلا مسلمين . بينما يوجد عندنا مسلمين بلا إسلام" !

هكذا يجب أن يكون فهمنا للإسلام بمعناه الصحيح . كما فهمه محمد عبده . وكما فهمه ابن القيم حين قال "حيثما توجد المصلحة فثم شرع الله" .. ولكن ماذا نقول لهؤلاء الذين يفهمون الإسلام علي أنه جلباب قصير وعقل خامل ؟!!

http://www.almesryoon.com/news.aspx?id=52670

No comments:

Post a Comment